بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
قَالَ الْحَمد لله المتفرد بِاسْتِحْقَاق الْحَمد على مَا سر وساء الَّذِي رفع بِالْعلمِ دَرَجَات من شَاءَ وَأحل حضيض الضعة من جهل وأساء وَلَا إِلَه إِلَّا الله ذُو الْكَمَال الْمُطلق والجلال الْأَعْظَم وَصلى الله أفضل مَا صلى على مُحَمَّد عَبده وَرَسُوله الْهَادِي إِلَى أكمل شَرِيعَة وأقوم لُغَة وعَلى النَّبِيين وآليهم الْمُكرمين من عباده وَسلم وَخص وكرم مَا دَعَاهُ سُبْحَانَهُ دَاع فأسعف وَمن وأنعم آمين آمين آمين
سَأَلتنِي نفعك الله وإياي وَسَائِر الْأَصْحَاب بِنَافِع الْعلم وأحظانا جَمِيعًا بصائب الْفَهم أَيَّام قراءتك الْكتاب الصَّحِيح لمُسلم ﵁ أَن أبين مِنْهُ وأقيد مَا يكثر فِيهِ من طالبي الحَدِيث ليعلم الْإِخْلَال والغلط وأصونهم عَمَّا بصدده فِيهِ من الْإِسْقَاط والسقط مقدما على ذَلِك بِأَن
فضل الْكتاب وفضله مُعَرفا بِحَالهِ وَشَرطه فأجبتك إِلَى ذَلِك مُخْتَصرا وعَلى هَذَا الأسلوب الَّذِي يعظم بِهِ النَّفْع وتكثر بِهِ الْبلوى مُقْتَصرا متبرئا من الْحول وَالْقُوَّة إِلَّا بِاللَّه مُتَعَوِّذًا من أَن أفوه فِيهِ بِكَلِمَة إِلَّا لله وسميته صِيَانة صَحِيح مُسلم من الْإِخْلَال والغلط وحمايته من الْإِسْقَاط والسقط وَلَيْسَ مَقْصُورا على ضبط
1 / 53
الْأَلْفَاظ بل هُوَ إِن شَاءَ الله ﵎ كاشف لمعاني كثير مِمَّا اغتاص على الفهوم فِي الْقَدِيم والْحَدِيث وشامل النَّفْع لصحيح البُخَارِيّ وَغَيره من كتب الحَدِيث وَالله الْعَظِيم اسْأَل تَمام ذَلِك مصونا عَمَّا لَا يَنْبَغِي ميسورا فِيهِ مَا نبتغي إِنَّه هُوَ الْجواد الْكَرِيم الْبر الرَّحِيم وَمَا توفيقي إِلَّا بِاللَّه عَلَيْهِ توكلت وَإِلَيْهِ أنيب
1 / 54
فَأول ذَلِك أَن مُؤَلفه هُوَ مُسلم بن الْحجَّاج بن مُسلم أَبُو الْحُسَيْن الْقشيرِي النّسَب النَّيْسَابُورِي الدَّار والموطن عَرَبِيّ صليبة أحد رجال الحَدِيث من أهل خُرَاسَان رَحل فِيهِ رحْلَة وَاسِعَة وصنف فِيهِ تصانيف نافعة فَسمع بخراسان يحيى بن يحيى التَّمِيمِي
1 / 55
وَإِسْحَاق بن رَاهَوَيْه وَغَيرهمَا وبالري مُحَمَّد بن مهْرَان الْجمال وَأَبا غَسَّان مُحَمَّد بن عَمْرو زنيجا وَغَيرهمَا وبالعراق أَحْمد بن حَنْبَل وعبد الله بن مسلمة القعْنبِي وَغَيرهمَا وبالحجاز
1 / 56
سعيد بن مَنْصُور وَأَبا مُصعب الزُّهْرِيّ وَغَيرهمَا وبمصر عَمْرو بن سَواد وحرملة بن يحيى وَغَيرهمَا فِي خلق كثير وَالله أعلم
روى عَنهُ من الأكابر أَبُو حَاتِم الرَّازِيّ ومُوسَى بن هَارُون وَأحمد بن سَلمَة
1 / 57
وَأَبُو بكر ابْن خُزَيْمَة وَمُحَمّد بن عبد الْوَهَّاب الْفراء ومكي بن عَبْدَانِ وَأَبُو حَامِد بن الشَّرْقِي وَالْحُسَيْن بن مُحَمَّد بن زِيَاد القباني وَإِبْرَاهِيم بن أبي طَالب وَأَبُو عَمْرو الْمُسْتَمْلِي وَصَالح بن مُحَمَّد الْحَافِظ الملقب جزرة وَأَبُو عوَانَة الإِسْفِرَايِينِيّ
1 / 58
وَأَبُو الْعَبَّاس السراج وَنصر بن أَحْمد الْحَافِظ الملقب نصرك وَسَعِيد بن عَمْرو البردعي الْحَافِظ فِي آخَرين
وصنف غير هَذَا الْكتاب كتبا مِنْهَا كتاب الْمسند الْكَبِير على الرِّجَال وَكتاب الْجَامِع الْكَبِير على الْأَبْوَاب وَكتاب الْعِلَل وَكتاب ذكر أَوْهَام الْمُحدثين وَكتاب التَّمْيِيز وَكتاب من لَيْسَ لَهُ إِلَّا راو وَاحِد وَكتاب طَبَقَات التَّابِعين وَكتاب المخضرمين وَغير ذَلِك
1 / 59
وَقد كَانَ لَهُ رَحْمَة الله وإيانا فِي علم الحَدِيث ضرباء لَا يفضلهم وَآخَرُونَ يفضلونه فرفعه الله ﵎ بكتابه الصَّحِيح هَذَا إِلَى منَاط النُّجُوم وَصَارَ إِمَامًا حجَّة يبْدَأ ذكره ويعاد فِي علم الحَدِيث وَغَيره من الْعُلُوم وَذَلِكَ فضل الله يؤتيه من يَشَاء
أخبرنَا الشَّيْخ الْمسند أَبُو الْقَاسِم مَنْصُور بن عبد الْمُنعم بن عبد الله بن الإِمَام أبي عبد الله مُحَمَّد بن الْفضل الفراوي النَّيْسَابُورِي
1 / 60
الصاعدي قَالَ أخبرنَا أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّد بن إِسْمَاعِيل الْفَارِسِي اُخْبُرْنَا الإِمَام أَبُو بكر أَحْمد بن الْحُسَيْن الْبَيْهَقِيّ قَالَ أخبرنَا أَبُو عبد الله الْحَافِظ حَدثنَا أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم قَالَ سَمِعت أَحْمد بن سَلمَة يَقُول رَأَيْت أَبَا زرْعَة وَأَبا حَاتِم يقدمان مُسلم بن الْحجَّاج فِي معرفَة الصَّحِيح على مَشَايِخ عصرهما هَكَذَا رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ والخطيب الحافظان وَوَجَدته فِي رِوَايَة أُخْرَى عَن الْحَاكِم أبي عبد الله
1 / 61
أَيْضا على مَشَايِخ عصرهما فِي معرفَة الحَدِيث
وروينا عَن الْحَاكِم أبي عبد الله الْحَافِظ قَالَ قَرَأت بِخَط أبي عَمْرو الْمُسْتَمْلِي أمْلى علينا إِسْحَاق بن مَنْصُور سنة إِحْدَى وَخمسين وَمِائَتَيْنِ وَمُسلم بن الْحجَّاج ينتخب عَلَيْهِ وَأَنا أستملي فَنظر إِسْحَاق بن مَنْصُور إِلَى مُسلم فَقَالَ لن نعدم الْخَيْر مَا أبقاك الله للْمُسلمين وَالله أعلم
مَاتَ مُسلم ﵀ سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ بنيسابور وَهَذَا مَشْهُور لَكِن تَارِيخ مولده وَمِقْدَار عمره كثيرا مَا تطلب الطلاب علمه فَلَا يجدونه وَقد وَجَدْنَاهُ وَللَّه الْحَمد فَذكر الْحَاكِم أَبُو عبد الله ابْن البيع الْحَافِظ فِي كتاب المزكين لرواة الْأَخْبَار أَنه سمع أَبَا عبد الله ابْن الأخرم الْحَافِظ يَقُول توفى مُسلم بن الْحجَّاج ﵀ عَشِيَّة يَوْم الْأَحَد وَدفن يَوْم الِاثْنَيْنِ لخمس بَقينَ من رَجَب سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَهُوَ ابْن خمس وَخمسين سنة وَهَذَا يتَضَمَّن أَن مولده كَانَ فِي سنة سِتّ وَمِائَتَيْنِ وَالله أعلم
وَكَانَ لمَوْته سَبَب غَرِيب نَشأ عَن غمرة فكرية علمية فَقَرَأت بنيسابور حرسها
1 / 62
الله وَسَائِر بِلَاد الْإِسْلَام وَأَهله فِيمَا انتخبته من تاريخها على الشَّيْخ الزكي أبي الْفَتْح مَنْصُور بن عبد الْمُنعم حفيد الفراوي وعَلى الشيخة أم الْمُؤَيد زَيْنَب ابْنة أبي الْقَاسِم عبد الرَّحْمَن بن الْحسن الْجِرْجَانِيّ رَحمهَا الله وإيانا عَن الإِمَام أبي عبد الله الفراوي وَأبي الْقَاسِم زَاهِر بن طَاهِر الْمُسْتَمْلِي عَن أَبَوي عُثْمَان إِسْمَاعِيل بن عبد الرَّحْمَن الصَّابُونِي وَسَعِيد بن مُحَمَّد الْبُحَيْرِي وَالْإِمَام أبي بكر الْبَيْهَقِيّ قَالُوا اُخْبُرْنَا الْحَاكِم أَبُو عبد الله الْحَافِظ قَالَ سَمِعت أَبَا عبد الله مُحَمَّد بن
1 / 63
يَعْقُوب سَمِعت أَحْمد بن سَلمَة يَقُول عقد لأبي الْحُسَيْن مُسلم بن الْحجَّاج مجْلِس للمذاكرة فَذكر لَهُ حَدِيث لم يعرفهُ فَانْصَرف إِلَى منزله وأوقد السراج وَقَالَ لمن فِي الدَّار لَا يدخلن أحد مِنْكُم هَذَا الْبَيْت فَقيل لَهُ أهديت لنا سلة فِيهَا تمر فَقَالَ قدموها إِلَيّ فقدموها فَكَانَ يطْلب الحَدِيث وَيَأْخُذ تَمْرَة تَمْرَة يمضغها فَأصْبح وَقد فنى التَّمْر وَوجد الحَدِيث قَالَ الْحَاكِم زادني الثِّقَة من أَصْحَابنَا أَنه مِنْهَا مرض وَمَات قلت قد زرت قَبره بنيسابور وَسَمعنَا عِنْده خَاتِمَة كِتَابه الصَّحِيح وَغير ذَلِك ﵁ وعنا ونفعنا بكتابه وبسائر الْعلم آمين آمين
1 / 64
بَيَان حَال هَذَا الْكتاب وفضله وَشَرطه ولنفصل فِي ذَلِك فصولا
1 / 65
الْفَصْل الأول
هَذَا الْكتاب ثَانِي كتاب صنف فِي صَحِيح الحَدِيث ووسم بِهِ وَوضع لَهُ خَاصَّة سبق البُخَارِيّ إِلَى ذَلِك وَصلى مُسلم ثمَّ لم يلحقهما لَاحق وكتاباهما أصح مَا صنفه المصنفون وَالْبُخَارِيّ وَكتابه أَعلَى حَالا فِي الصَّحِيح وانتقاده أخر جمه وَكَانَ مُسلم مَعَ حذقه ومشاركته لَهُ فِي كثير من شُيُوخه أحد المستفيدين مِنْهُ والمقرين لَهُ بالأستاذية روينَا عَن مُسلم ﵁ قَالَ صنفت هَذَا الْمسند الصَّحِيح من ثَلَاثمِائَة ألف حَدِيث مسموعة وبلغنا عَن مكي بن عَبْدَانِ وَهُوَ أحد حفاظ نيسابور قَالَ سَمِعت مُسلم بن الْحجَّاج يَقُول لَو أَن أهل الحَدِيث يَكْتُبُونَ مِائَتي سنة الحَدِيث فمدارهم على هَذَا الْمسند يَعْنِي مُسْنده الصَّحِيح
قَالَ وَسمعت مُسلما يَقُول عرضت كتابي هَذَا الْمسند على أبي زرْعَة الرَّازِيّ فَكل مَا أَشَارَ أَن لَهُ عِلّة تركته وكل مَا قَالَ إِنَّه صَحِيح وَلَيْسَ لَهُ عِلّة أخرجته وَورد
1 / 67
عَن مُسلم أَنه قَالَ مَا وضعت شَيْئا فِي هَذَا الْمسند إِلَّا بِحجَّة وَمَا أسقطت مِنْهُ شَيْئا إِلَّا بِحجَّة
أَخْبرنِي الشَّيْخ الْمسند أَبُو الْحسن الْمُؤَيد بن مُحَمَّد بن عَليّ بن المقرىء بِقِرَاءَتِي عَلَيْهِ بشاذياخ نيسابور عَن أبي مَنْصُور عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد الشَّيْبَانِيّ قَالَ أخبرنَا الْحَافِظ أَبُو بكر أَحْمد بن عَليّ بن ثَابت قَالَ حَدثنِي أَبُو الْقَاسِم عبد الله بن أَحْمد بن عَليّ السوذرجاني بأصبهان قَالَ سَمِعت مُحَمَّد بن إِسْحَاق بن مَنْدَه قَالَ سَمِعت أَبَا عَليّ الْحُسَيْن بن عَليّ النَّيْسَابُورِي يَقُول مَا تَحت أَدِيم السَّمَاء أصح من كتاب
1 / 68
مُسلم بن الْحجَّاج فِي علم الحَدِيث
ورويناه من وَجه آخر عَن ابْن مَنْدَه الْحَافِظ هَذَا وَقَالَ فِيهِ سَمِعت أَبَا عَليّ الْحُسَيْن بن عَليّ النَّيْسَابُورِي وَمَا رَأَيْت أحفظ مِنْهُ هَذَا مَعَ كَثْرَة من لقِيه ابْن مَنْدَه من الْحفاظ وَقَول أبي عَليّ هَذَا إِن أَرَادَ بِهِ أَن كتاب مُسلم أصح من غَيره على معنى أَنه غير ممزوج بِغَيْر الصَّحِيح فَإِنَّهُ جرد الصَّحِيح وسرده على التوالي بأصوله وشواهده على خلاف كتاب البُخَارِيّ فَإِنَّهُ أودع تراجم أَبْوَاب كِتَابه كثيرا من موقوفات الصَّحَابَة ومقطوعات التَّابِعين وَغير ذَلِك مِمَّا لَيْسَ من جنس الصَّحِيح فَذَلِك مَقْبُول من أبي عَليّ وَإِن أَرَادَ تَرْجِيح كتاب مُسلم على كتاب البُخَارِيّ فِي نفس الصَّحِيح وَفِي إتقانه والاضطلاع بِشُرُوطِهِ وَالْقَضَاء بِهِ فَلَيْسَ ذَلِك كَذَلِك كَمَا قدمْنَاهُ وَكَيف يسلم لمُسلم ذَلِك وَهُوَ يرى على مَا ذكره من بعد فِي خطْبَة كِتَابه أَن الحَدِيث المعنعن وَهُوَ الَّذِي يُقَال فِي إِسْنَاده فلَان عَن فلَان ينسلك فِي سلك الْمَوْصُول الصَّحِيح بِمُجَرَّد كَونهمَا فِي عصر وَاحِد مَعَ إِمْكَان تلاقيهما وَإِن لم يثبت تلاقيهما وَسَمَاع أَحدهمَا من الآخر وَهَذَا مِنْهُ توسع يقْعد بِهِ عَن التَّرْجِيح فِي ذَلِك وَإِن لم يلْزم مِنْهُ عمله بِهِ فِيمَا أودعهُ فِي صَحِيحه هَذَا وَفِيمَا يُورِدهُ فِيهِ من الطّرق المتعددة للْحَدِيث الْوَاحِد مَا يُؤمن من وَهن ذَلِك وَالله أعلم
نعم يتَرَجَّح كتاب مُسلم بِكَوْنِهِ أسهل متناولا من حَيْثُ إِنَّه جعل لكل حَدِيث موضعا وَاحِدًا يَلِيق بِهِ يُورِدهُ فِيهِ بِجَمِيعِ مَا يُرِيد ذكره فِيهِ من أسانيده المتعددة وَأَلْفَاظه الْمُخْتَلفَة فيسهل على النَّاظر النّظر فِي وجوهه واستثمارها بِخِلَاف البُخَارِيّ فَإِنَّهُ يُورد تِلْكَ الْوُجُوه الْمُخْتَلفَة فِي أَبْوَاب شَتَّى مُتَفَرِّقَة بِحَيْثُ يصعب على النَّاظر جمع شملها واستدراك الْفَائِدَة من اختلافها وَالله أعلم
1 / 69
قَرَأت على الشيخة الصَّالِحَة أم الْمُؤَيد ابْنة عبد الرَّحْمَن بن الْحسن النيسابورية بهَا عَن الإِمَام أبي عبد الله مُحَمَّد بن الْفضل الصاعدي وَغَيره عَن الإِمَام أبي بكر أَحْمد بن الْحُسَيْن الْبَيْهَقِيّ الْحَافِظ وَغَيره قَالُوا أخبرنَا الْحَاكِم أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْحَافِظ قَالَ سَمِعت عمر بن احْمَد الزَّاهِد قَالَ سَمِعت الثِّقَة
1 / 70
من أَصْحَابنَا يَقُول رَأَيْت فِيمَا يرى النَّائِم كَأَن أَبَا عَليّ الزغوري يمشي فِي شَارِع الْحيرَة ويبكي وَبِيَدِهِ جُزْء من كتاب مُسلم فَقلت لَهُ مَا فعل الله بك فَقَالَ نجوت بِهَذَا وَأَشَارَ إِلَى ذَلِك الْجُزْء
أَبُو عَليّ هَذَا هُوَ مُحَمَّد بن عبد الْعَزِيز الزغوري بِفَتْح الزَّاي وَضم الْغَيْن الْمُعْجَمَة وَبعدهَا وَاو سَاكِنة ثمَّ رَاء مُهْملَة وَكَانَت لَهُ عناية بِصَحِيح مُسلم والتخريج عَلَيْهِ وشارع الْحيرَة هُوَ بنيسابور نفعنا الله الْكَرِيم بالدأب كَمَا نَفعه آمين وَالله أعلم
1 / 71
الْفَصْل الثَّانِي
شَرط مُسلم فِي صَحِيحه أَن يكون الحَدِيث مُتَّصِل الْإِسْنَاد بِنَقْل الثِّقَة عَن الثِّقَة من أَوله إِلَى منتهاه سالما من الشذوذ وَمن الْعلَّة وَهَذَا هُوَ حد الحَدِيث الصَّحِيح فِي نفس الْأَمر فَكل حَدِيث اجْتمعت فِيهِ هَذِه الْأَوْصَاف فَلَا خلاف بَين أهل الحَدِيث فِي صِحَّته وَمَا اخْتلفُوا فِي صِحَّته من الْأَحَادِيث فقد يكون سَبَب اخْتلَافهمْ انْتِفَاء وصف من هَذِه الْأَوْصَاف بَينهم خلاف فِي اشْتِرَاطه كَمَا إِذا كَانَ بعض رُوَاة الحَدِيث مَسْتُورا أَو كَمَا إِذا كَانَ الحَدِيث مُرْسلا وَقد يكون سَبَب اخْتلَافهمْ فِي صِحَّته اخْتلَافهمْ فِي أَنه هَل اجْتمعت فِيهِ هَذِه الْأَوْصَاف أَو انْتَفَى بَعْضهَا وَهَذَا هُوَ الْأَغْلَب فِي ذَلِك وَذَلِكَ كَمَا إِذا كَانَ الحَدِيث فِي رُوَاته من اخْتلف
1 / 72
فِي ثقته وَكَونه من شَرط الصَّحِيح فَإِذا كَانَ الحَدِيث قد تداولته الثِّقَات غير أَن فِي رِجَاله أَبَا الزبير الْمَكِّيّ مثلا أَو سُهَيْل بن أبي صَالح أَو الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن أَو حَمَّاد بن سَلمَة
قَالُوا فِيهِ هَذَا حَدِيث صَحِيح على شَرط مُسلم وَلَيْسَ بِصَحِيح على شَرط البُخَارِيّ لكَون هَؤُلَاءِ عِنْد مُسلم مِمَّن اجْتمعت فيهم الْأَوْصَاف الْمُعْتَبرَة وَلم يثبت عِنْد البُخَارِيّ ذَلِك فيهم وَكَذَا حَال البُخَارِيّ فِيمَا خرجه من حَدِيث عِكْرِمَة مولى ابْن عَبَّاس
1 / 73