============================================================
و(عبد القاهر الجرجاني)، و(أبو زكريا التبريزي)، و(أبو القاسم الحريري)، و(جاد الله الزمخشري)، و(القاضي عياض المالكى)، الذين ظلوا قرونا مسيطرين على العقول والاتجاهات، وكانوا مدارس أدبية علمية، لم يكن لأحد في هذا العهد الزاخر بالحياة العلمية ونوابغ الفن كالقرن الخامس والسادس، وفي بلد زاخر بالمدارس وحلقات الدروس كبغداد، أن يؤثر في مجتمعه الذي قطع شوطا واسعا في العلم، وانتشرت الققافة في طبقاته انتشارا كبيرا، ولم يكن له أن يلفت إليه الأنظار، وينفذ إلى أعماق التفوس والقلوب، وتخضع له الطبقات المثقفة وحملة لواع العلم في عصره، إلا إذا كان عالي الكعب طويل الباع في العلوم السائدة، متضلعا من علوم الدين والدنيا، قد أقر له معاصروه بالفضل، وشهد له علماء بلده بغزارة العلم وسعة المعارف(1).
ناقبه: للشيخ عبد القادر رحمه الله تعالى صفات حميدة، ومائر كثيرة، فقد اشتهر بالأحوال والكرامات حتى تواترت عنه.
قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام : ما ثقلت إلينا كرامات أحد بالتواتر إلآ الشيخ عبد القادر(2) . وكذا قاله شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - (2) .
دان جميع العلماء والأولياء في عصره للشيخ؛ ففي الفقه بز أقرانه العلماء، وخضعت له رقاب الأولياء، كما اشتهر عنه قوله : (قدمي هذه على رقبة كل ولي لله) . وقد اعترفت له سائر العلماء وسائر الأولياء بذلك، وبايعوه بالسلطنة عليهم، فأضحى سلطان الأولياء.
ولما اشتهر آمره اجتمع عليه مئة فقيه من أعيان فقهاء بغداء وأذكيائهم، على أن (1) رجال الفكر والدعوة : محمد أبو الحسن الندوي (2) شذرات الذهب في أحبار من ذهب : لاين العماد الحتبلي، ح4/،20.
(3) تتمة المختصر في أخبار البشر : لابن الوردي ، ج 111/4
صفحة ٢٨