الغلام إلى المراضع ليكون على الدوام مع ولده وقد منماه عمر وهو عمر العيار ويكون' عيار الأمير حمزة كما يأتي معناه إن شاء الله .
وبعد أن انتهى الوزير من كل عمله ولم ير بعد من وجوب لإقامته في مكة المطهرة ركب بقومه وودع الأمير إبراهيم ورجال قبيلته وخرج من هناك قاصدا بلاده أي المدائن وبقي سائرا مدة أيام وقد مر على الحيرة ونزل ضيفا على النعمان عدة أيام وقد أخبره بما كان له في مكة وعند وصوله إلى بلاد الأعجام دخل على الملك كسرى وبشره بكل خير وسعادة وثوفيق وحكى له عن النجاح الذي صادفه وقال إن وصولي إلى مكة قبل ولادة هذا المولود الذي نحن نقصد أن نتوصل إليه فأقمثت إلى أن ولد ورأيته ورأيت ما أعطى من الله من الحسن البديع وما كتب على جبينه من الاقبال والسعادة وبعد أن -رأيته قيدت 2 ' اسمه من رجالك وتبعة دولتك وسميته حمزة العرب وأردت أن أكتب كل ذكر يولد في ذاك اليوم من رجالنا وإذا أنا بثمائمائة غلام ولدوا في نفس ذاك اليوم وهذا من عجائب الدهر ' أن يولد في مدينة صغيرة في يوم واحد ثمانماثة ذكر دون أن تولد أنثى واحدة فعرفت أن' 'توفيق حمزة سبب ذلك ليكون أولئك المولودين من رجاله وأخصائه يركبون بين يديه ويسعدون بسعله . قال ففرح كسرى بما سمعه من وزيره وأنعم عليه مزيد الأنعام وشكره الشكر الجزيل على اهتمامه بأمر دولته ودفع المصائب عنها قبل بسنين وأعوام وأقام بعد ذلك مرتاح البال تتقلب عليه الليالي والأيام وشغل عما تقدم بما اعتاد عليه من البذخ واللهو وغير ذلك . [
وأما ما كان من الأمير إبراهيم أمير مكة فإنه أقام على الاعتناء بولده وهو مسرور على الدوام بما سمعه من الوزير من أن ابنه يكون السبب في خلاص العرب من الأعجام ويعزز الدولة العربية ويبيد الدولة الكسروية وكان يعتني أيضا بتربية عمرأ بن العبد لعلمه أنه سيكون ببخدمه ولده وثافعا له كما أشار بزرجمهر إلى أن مضى على حمزة أربعة أعوام
وكان الذي يراه يظنه .أنه ابن عشرة أعوام لامتلاء جسمه وطول قامته ومو اهيبة والوقار اللذين كانا يطفحان على الدوام فوق جبينه وعند تجاوزه سن الأربع سنوات دفعه إلى معلمين ومهذبين يتعلم العلوم ويترى التربية الجدة الحسنة على التقوى أولا وعبادة الله وثانيا على التهذيب وتعليم العلوم النافعة وأخذ في أن يندرج في العمر ويعي على نفسه يوما بعد يوم وكلما تقدم بالعمر تقدم بالمعرفة والإدراك وعمر بن العبد كان لا يفارقه مطلقا وهو يدعوه بأخيه. وقد أحبا بعضه| حبا عظيأ ولم يقدر أحدهما على مفارقة الآخر بل يبذل جهده لأجل. مراضاته وراحته وكان عمر سريع الجري لدقة ساقيه وهزال جسمه وكان قوي العصب تولع. من حين صعره بالركض والقفز من المحلات العالية حتى اعتاد عليها وصار آفة من آفات الزمان وما وصل سنه إلى العشرة أعوام جتى صار يحسب من أبرع 8
صفحة غير معروفة