ثيابهم فخلصها لهم بعد أسر أصفران وجعله من رجاله على أننا طالما سمعنا بتعديه وأمرنا النعمان أن يبعث إليه بالعساكر فلم نستفيد شيئا . فلما سمع كسرى ذلك صفق من الفرح وقال هذا الذي أخبرتني عنه أنه يخلص ملكي من عدوي الذي يخرج على بلادي قال تعم هذا هو ياسيدي قد ظهر للوجود وأخحذت أفعاله تنمو وتزيد وتشيع حتى خافته أكثر العرب وانتشر بين العجم. ثم أن كسرى أمر إن يخلع على النعمان اللخلع السنية ويغمر بالأموال والعطايا جزاء على وصول هذا الخبر إليه فتكدر الوزير بختك بن قفريش من ذلك وقال لكسرى لقد نسيت يا سيدي حالة العرب وما هم عليه من الهمجية وعدم الأمانة” فإذا أكرمتهم لانأمن من جانبهم وكان هذا الوزير رديء الطباع حسود طماع بخيل مبغض لا يحب أحدا فغاظ كلامه هذا النعمان إلا أنه صبر عليه لمعرفته بأن منزلة العرب عند الأعجام منزلة العبد الذليل عند السيد البخيل الكثير الكبر والتعجرف غير أن كسرى لم يعتبر كلام وزيره في هذا المعنى وأن رأه من الصالح والنافع لنفسه غير أنه سبق فأعطى . ثم أن النعمان ودع الملك كسرى وخرج من عنده مغتاظا من كلام الوزير بختك وسار بعد أن ودع الوزير بزرجمهر وهو يسأل الله في نفسه أن يكون خلاص العرب من العجم بوقت قريب على يد الأمير حمزة فيستخلصونه من الظلم والذل ويرتفع عنهم هذا النير الثقيل الذي تحملوه زمانا طويلا .
وبعد أن مضى على ذلك مدة أيام وانشغل كل بنفسه ويملكه ونحو ذلك بلغ كسرى أن خارتين صاحب حصن خيبر قد خرج بعساكره وعددها أربعمائة ألف فارس من الفرسان المنتخبين ودخل حدود البلاد وهو يظلم وينبب ويقتل ولا يراعي حرمة أحد قط وأنه يقصد التقدم إلى جهة المدائن ليستولى عليها ويجلس عوضا عنه على كرسي العجم ليجعل نفسه كسرى الجديد فاغتاظ من ذلك وتكدر مزيد الكدر من خروج هذا الرجل عليه إلا أنه لم يعتبره حق الاعتبار وترجح له أنه سيجمع الغساكر العجمية وغيرها ويؤدبه على فعله وكان الذي جعله أن لا يحسب له حسابا قلة رجاله الذين عددهم أربعمائة.
ألف . ومن ثم أمر أن تجمع العساكر وتكون على أهبة القتال قبل وصول هذا العاتي الخارج وفوض أمر ذلك وتدبيره إلى وزيره بختك فأخذ يجيش الجيوش ويعدد المؤن وتبيئة كل ما يلزم للحرب والقتال من البلاد وبعد أن انتهى كل ذلك اجتمع بختك بكسرى وقال له لقد تم أمرك ولم يبق من حاجة لأكثر وقد اجتمع عندنا نحو تسعمائة ألف فارس من الفرسان والأبطال وهؤلاء أكثر من جيوش خارتين بأضعاف فقال له أذن أريد منك أن تذهب إلى ملاقاة خارتين وتحاربه على بعد من المدائن قبل أن يصل إلينا فلم يوافق هذا الأمر بختك وخاف من وقوعه بين يدي خارتين وأن يفتك به . فقال لكسرى ليس من الصواب يا سيدي أن نلاقيه عن بعد من هذه المديئة بل من الضواب أن تبقى ١
صفحة غير معروفة