المخالف والموالف، وكذلك فإن من ادعى قصورا في فضله وأنه كان
أفضل أهل زمانه فإنه مطعون في دينه إن كان سالما في عقله، ومما يدل على سعة علمه وكماله ما أجاب به على الشيخ العالم عطية بن محمد النجراني بالمسائل المركبة في الفروع التي تشتمل على مئيين من المسائل قريب من ألف مسألة، فأجاب عنها بنهاية الإرشاد وبغية المرتاد، وكذلك المسائل التي وردت من الجهات الحرازية وغيرها من الفتاوي في الفروع التي تبهر من رآها.
(فصل) وأما خصائصه في العبادة
فإنه كان عليه السلام حليف العبادة، والورع، والزهد، كان قبل قيامه عليه السلام مصابرا على صيام أيام مشهورة فاضلة، وله وضائف في العبادة، كان يقوم في الثلث الأخير من الليل فلا يبرح قائما وقاعدا، وراكعا وساجدا، مع المبالغة في الطهارة والوضوء لأكثر الصلوات، قلما يصلي المغرب إلا بوضوء جديد، وقلما يوتر إلا في الثلث الأخير، يلاحظ أوقات الاختيار، ويتهجد في الأسحار، وعلى الجملة فإن الله سبحانه قد وفقه من طاعته وحببها إليه إلى ما يباهي الشمس ظهورا ويجاري القطر وفورا. انتهى.
ومن ورعه عليه السلام أنه ما سمع قبل قيامه يقسم قسما تجب فيه الكفارة مع الحنث، ولا خالف قوله فعله، ولقد أشهد الله في بعض المواقف أنه ما خطر له ببال أن يعصي الله تعالى، وبخط المصنف قال: سمعته أنا وهذا كما ترى يقضي بالعصمة، ويدل على نهاية الفضل والشرف الذي لم ينفرد به إلا هو، ولو فتش أحد في زمانه إلى من يجاريه في الخصائص الشريفة لكان ذلك كالممتنع، ولوجده في بعد مرامها القمر الأزهر، والكبريت الأحمر، وجوهر الجوهر، فصلوات الله عليه ورحمته وبركاته.
صفحة ١٩