(واتقوا النساء) أي اجتنبوا التطلع إلى النساء الأجنبيات والتقرب منهن فإنه مهلك (فإن إبليس طلاع رفاد) بالتشديد والمطلع مكان الاطلاع من موضع عال يقال مطلع هذا الجبل من مكان كذا أي مأناه ومصعده فإن إبليس مجرب للأمور ركاب لها يعلوها بقهر وغلبة (وما هو بشيء من فخوخه) جمع فخ وهو آلة الصيد ويجمع على فخاخ أيضا (بأوثق لصيده) أي مصيده (في الأنقياء) بالمثناة جمع تقي (من النساء) فهن أعظم مصائده يزينهن في قلوب الرجال ويغويهم بهن فيقعون في المحذور (فر) عن معاذ بن جبل بإسناد ضعيف (اتقوا الظلم) الذي هو مجاوزة الحد والتعدي على الخلق (فإن الظلم) في الدنيا (ظلمات) على صاحبه (يوم القيامة) فلا يهتدي بسببه يوم يسعى نور المؤمنين بين أيديهم فالظلمة حسية وقيل معنوية (حم طب هب) عن ابن عمر بن الخطاب (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح) الذي هو بخل مع حرص فهو أشد البخل والبخيل مانع الزكاة ومن لا يقري الضيف فكل منهما بخيل (فإن الشح أهلك من كان قبلكم) من الأمم (وحملهم على أن سفكوا دماءهم) أي أسألوها بقتل بعضهم بعضا حرصا على استئثار المال (واستحلوا محارمهم) أي ما حرم الله من أموالهم وغيرها والخطاب للمؤمنين ردعا لهم عن الوقوع فيما يؤديهم إلى منازل الهالكين من الكافرين الماضين وتحريضا لهم على التوبة والمسارعة إلى نيل الدرجات مع الفائزين (حم خدم) عن جابر ابن عبد الله (اتقوا القدر) بفتح القاف والدال المهملة أي احذروا إنكاره فعليكم # أن تعتقدوا إن ما قدر في الأزل لابد من كونه وما لم يقدر فوقوعه محال وأنه تعالى خلق الخير والشر فهما مضافان إليه تعالى خلقا وإيجادا وإلى العبد فعلا واكتسابا وأن جميع الكائنات بقضائه وقدره قال العلقمي وفي الطبقات الكبرى لابن السبكي عن الربيع بن سليمان قال سئل الشافعي رضى الله تعالى عنه عن القدر فأنشأ يقول:
ما شئت كان وإن لم أشأ ... وما شئت أن لم تشأ لم يكن
خلقت العباد على ما علمت ففي العلم يجري الفتى والمنن
على ذا مننت وهذا خذلت وهذا أعنت وذا لم تعن
فمنهم شقي ومنهم سعيد ومنهم قبيح ومنهم حسن
صفحة ٣٨