والفقراء المستضعفين، وليعلموا أنهم قد أخلوا بشيء من الشروط الأربع التي شرطت في النصر.
وروي أن رسول الله ﷺ قال: ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة راعية على أهل بيت زوجها وولده وهي مسؤولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع مكلكم مسؤول عن رعيته، فجعل النبي ﷺ كل ناظر في حق غيره راعيًا له. واللفظ مأخوذ من الرعاية والمراعاة، فماذا تقدم لرعاية غيره من يأكله فهو الهلاك كما قال الشاعر:
وراعي الشاء يحمي الذئب عنها
فكيف إذا الذئاب لها رعاء؟
وروى مسلم في الصحيح عن النبي ﷺ أنه قال: ما من امرئ يلي أمر المسلمين، ثم لم يجتهد لهم وينصح إلا لم يدخل معهم الجنة. وقال معقل بن يسار: سمعت النبي ﷺ يقول: ما من عبد استرعاه الله تعالى رعية فلم يحطها بنصيحة إلا لم يجد رائحة الجنة. وروى عبد الرحمن بن سمرة قال: قال لي رسول الله ﷺ: يا عبد الرحمن بن سمرة، لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها. وروى أبو هريرة ﵁ أن النبي ﷺ قال: إنكم ستحرصون على الإمارة وستكون ندامة يوم القيامة، فنعمت المرضعة وبئست الفاطمة! وقال أبو ذر: قلت أمرني رسول الله. قال: إنها أمانة وإنها حسرة وندامة يوم القيامة، إلا من أخذها بحقها وأدى الذي عليه فيها.
وروى البخاري أن النبي ﷺ قال: تجدون من خير الناس أشد الناس كراهة لهذا الأمر حتى يقع فيه. وفي الحديث: من ولي من أمر المسلمين شيئًا ثم لم يحطهم بنصحه كما يحوط أهل بيته، فليتبؤ مقعده من النار. وروي أن عمر بن الخطاب ﵁ بعث إلى عاصم أن يستعمله على الصدقة، فأبى وقال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: إذا كان يوم القيامة يؤتى بالوالي فيقذف على جسر جهنم، فيأمر الله ﷾ الجسر فينتفض به انتفاضة فيزول كل عظم منه عن مكانه، ثم يأمر الله تعالى العظام فترجع إلى أماكنها ثم يسائله، فإن كان لله تعالى مطيعًا أخذ بيده وأعطاه كفلين من رحمته، وإن كان لله تعالى عاصيًا خرق به الجسر فهوى به في جهنم مقدار سبعين خريفًا. فقال عمر: سمعت من النبي ﷺ ما لم أسمع؟ قال: نعم. وكان سلمان وأبو ذر حاضرين، فقال سلمان: إي والله يا عمر! ومع السبعين سبعون خريفًا في واد يلتهب التهابًا. فقال عمر بيده على جبهته: إنا لله وإنا إليه راجعون، ومن يأخذ بما فيها؟ فقال سلمان: من سلب الله أنفه وألصق خده بالأرض.
وروي أن العباس قال: أمرني يا رسول الله فأصيب وأستريش. فقال له: يا عباس يا عم النبي، نفس تحييها خير من إمارة لا تحصيها، ألا أحدثكم عن الإمارة؟ أولها ملامة وأوسطها ندامة وآخرها حسرة يوم القيامة. وروى أبو داود في السنن قال: جاء رجل فقال: يا رسول الله إن أبي عريف على الماء، وإنه يسألك أن تجعل لي العرافة من بعده. فقال النبي ﷺ: العرفاء في النار! وروى الساجي عن أبي سعيد الخدري قال: قال لي النبي ﷺ: أشد الناس عذابًا يوم القيامة الإمام الجائر.
وقال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ﵁: سمعت رسول الله النبي ﷺ يقول: ليس من وال ولا قاض إلا يؤتى به يوم القيامة حتى يوقف بين يدي الله تعالى على الصراط، ثم تنشر الملائكة سيرته فيقرؤنها على رؤوس الخلائق، فإن كان عدلًا نجاه الله تعالى
1 / 40