وأصناف الأبدان التى هى على هذه الصفة كثيرة. فقد ينبغى أن نفرد لكل صنف منها كلاما على حدة، فأقول: إن البدن الذى قد تجاوز الاعتدال فى مزاجه، ولم يغادر الاعتدال فى تركيب أعضائه الآلية، فإن أسباب صحته صنفان: أحدهما: يحفظ مزاجه على ما هو عليه، والآخر: ينقل مزاجه إلى أفضل المزاج.
والأسباب التى تحفظ مزاجه منحرفة عن الأسباب التى تحفظ المزاج الذى هو فى غاية الاعتدال بقدر انحراف مزاج ذلك البدن الذى يحفظ عن المزاج الذى هو فى غاية الاعتدال.
وذلك أن الأبدان التى هى أسخن منه تحتاج من التدبير إلى ما هو أسخن من التدبير الذى يحتاج إليه صاحب ذلك المزاج الأول.
والأبدان التى هى أبرد منه تحتاج من التدبير إلى ما هو أبرد.
والأبدان التى هى أجف تحتاج من التدبير إلى ما هو أجف.
والأبدان التى هى أرطب تحتاج من التدبير إلى ما هو أرطب.
وعلى هذا التركيب أيضا: فإن الأبدان التى هى أسخن وأجف تحتاج من التدبير إلى ما هو أسخن وأجف.
وعلى قياس هذا يجرى أمر الثلثة الأصناف الأخر المركبة.
صفحة ١٢٣