ولم يكن حال اللغتين سواء في العصور كلها فقد كانت الفارسية منذ ظهرت في صعود بينما كانت العربية في هبوط، وهذا الهبوط كان أبين في الشعر منه في العلم، فالراوندي مؤلف راحة الصدور ينقل أبياتا عربية بليغة لأحد وزراء السلاجقة ثم يأسف على ذلك الزمن ويقول:
إن وزراء زمنه لا يفهمون مثل هذا، وصاحب المعجم من رجال القرن السابع يقول: إن شعراء زمانه يعرفون اللغتين ولكنه لما ألف كتابه في العروض بالعربية نقم عليه أدباء فارس حتى قسم الكتاب قسمين: المعجم والمعرب.
وعوفي يقول: فإن كل مستعرب يعرف الفارسية وليس كل شاعر فارسي يعرف العربية.
ومع هذا كله نرى أن اللغة الفارسية نفسها لم تكن قد ضبطت قواعدها وأحكمت كقواعد العربية حتى نجد شمس الدين الرازي في القرن السابع يشكو من هذا ويشرح القواعد شرح المستنبط الذي لم يسبق.
والخلاصة أن العربية فيما عدا الشعر حلت مكانة فوق الفارسية، حتى غارات التتار التي عصفت بالحضارة الإسلامية وأصابت العلوم والآداب بضربات لم تفق منها حتى اليوم.
ويضيق المجال عن الكلام في أطوار اللغتين بعد سقوط بغداد. وعسى أن تتاح له فرصة أخرى إن شاء الله.
صفحة غير معروفة