عناية العلماء بالإسناد وعلم الجرح والتعديل - عبد العزيز فارح
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
تصانيف
حجة إذًا إلا في كتاب الله تعالى وسنة رسوله ﷺ وما استند إليهما من إجماع وقياس مبني على علّة صحيحة، أو قواعدكلية مأخوذة منها. لذلك تمسك العلماء المسلمون بالسنة والعمل بها؛ لأنها دليل - إلى جانب الكتاب العزيز - من أدلة الأحكام ومصدر أساس للشريعة الإسلامية، وغيرهما من ينابيع الاستدلال محمول عليهما، ومقتبس من روحهما، ودائر في فلكهما.
وقد قيض الله تعالى من سلف الأمة الإسلامية وخلفها من يذود عنها، ويجاهد ويصابر في صيانتها وينفي عنها تحريف الغالين وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين، فنهض علماء الأمة وقادتها في عهد الخلافة الراشدة لجمع القرآن الكريم ثم كتابته في مصحف إمام، وجاء بعدهم من يخدمه كتابة ورسمًا وتفسيرًا وإقراءً.. ولم يأل هؤلاء وأولئك جهدًا في خدمة السنة النبوية المشرفة، فقام من يكتبها في صحف خاصة، وهبّ الجميع لحفظها والعمل بها ثم روايتها وتبليغها، واستمر الأمر على هذا النحو، ثم اتّسعت آفاقه خصوصًا بعد أحداث ما يسمى بـ"فتنة الخلافة"؛ حيث لجأ بعض ضعاف الإيمان من أهل الأهواء والبدع والفرق الكلامية والسياسية إلى تزوير بعض الأحاديث النبوية وتحريفها أو وضع أحاديث على لسان رسول الله ﷺ، فهبّ علماء المسلمين وعامتهم إلى الذود عن السنة النبوية ومقاومة الوضع والوضاعين، فكثر الكلام في الرواة تعديلًا وتجريحًا، وقبلت أحاديث وردّت أحاديث أخرى، وكان ذلك أساسًا لعلم الجرح والتعديل، علم التمحيص
1 / 2