عناية العلماء بالإسناد وعلم الجرح والتعديل - عبد العزيز فارح
الناشر
مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف
تصانيف
مقدمة
لم يختلف المسلمون منذ فجر الإسلام في أن السنة النبوية هي التطبيق العملي للإسلام والتفصيل الواقعي للقرآن، ومرجع كل مسلم في تعرُّف الأحكام، لذلك كان كل مسلم مكلفًا باحترام هذا التطبيق تكليفَه باحترام القانون نفسه، ولذلك أيضًا كانت طاعة الرسول ﷺ طاعة لله ﷿، مصداقًا لقوله تعالى: ﴿مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا﴾ [النساء: ٨٠] . ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ [الحشر ٧] .وليس من المستغرب أن يكون إهمال السنة والذهول عنها إضاعة لصرح عظيم من الدين، فقد كان النبي ﷺ مُبَلِّغًا عن الله ﷿، وموضحا مراده ببيان المجمل وتفصيله وذكر الجزئيات والتفاصيل، وتوضيح المشكل وتقييد المطلق وتخصيص العام وإضافة أحكام جديدة، ثم إن السنة أصل دلّ عليه كتاب الله؛ ولهذا فإن أئمة المسلمين متفقون على وجوب العمل بالحديث إذا صحَّ، فقد قال النبي ﷺ: "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله وسنتي" (١)، وصحّ عن الإمام الشافعي قوله: "إذا صح الحديث فهو مذهبي واضربوا بقولي عرض الحائط" (٢)، وهو ما تبناه في الحقيقة غيره من علماء الأمة قبله وبعده. فلا
_________
(١) أخرجه الإمام مالك في كتاب القدر من الموطأ باب النهي عن القول بالقدر، رقم الحديث ٣ ج ٢، ص٨٩٩، والحاكم في المستدرك عن أبي هريرة والإمام أحمد في المسند ٦/٣٠٦.
(٢) الوافي بالوفيات ١/١٧٣. وانظر أيضا قواعد التحديث للقاسمي ص ٨٧ وما بعدها، وكتاب حجية السنة للدكتور عبد الغني عبد الخالق ص ٢٤٥ وما بعدها.
1 / 1