مندوب فخامة اللورد اللنبي
وقد أناب فخامة اللورد اللنبي الكابتن موريس ليكون مندوبا من قبله في احتفال تشييع الجنازة بالقاهرة.
وأوفد جناب الجنرال كونجريف قائد القوات البريطانية بالعاصمة ضابطين من كبار الضباط ليمثلاه، وكان بين الحاضرين من الموظفين البريطانيين جناب الجنرال كلايتون باشا مستشار وزارة الداخلية، والمستر باترسون مستشار وزارة المعارف العمومية، والجنرال هربرت باشا قومندان قسم المحروسة، والمستر أنتوني مدير عموم مصلحة الأملاك الأميرية، وجناب المستر جريج المدير العام للخارجية المصرية، والمستر براون المراقب العام بوزارة المعارف.
وما وافت الساعة الثانية بعد الظهر حتى خرجت العاصمة رجالا ونساء وشبانا تستقبل جثث أربعة من أبنائها، وتحيي في هذه الأربع أرواح شهدائها.
أجل لقد كانت العاصمة ماثلة في ذلك الموكب الرهيب المبكي الذي يقصر عنه الوصف ولا يبلغ مداه الطرف، وكان هذا الموكب من روعته وفخامته وجلالته فوق ما يتمثله الخيال. وقد تعذر السير ووقفت حركة المدينة من كل ناحية إلا في طريق مرور الموكب، ولم أر العاصمة أشد بكاء وحزنا من ذلك اليوم.
وكان طريق المشهد من باب الحديد إلى القلعة مزدحما بحيث لا تجد موضعا للوقوف، وكانت شرفات المنازل ملأى بالعقائل اللواتي لم يستطعن مشاركة رجالهن وإخوانهن فوقفن في الشرفات مرتديات ملابس الحداد، وقد سالت دموعهن وتصاعدت زفراتهن، وكان إخواننا النزلاء قد نكسوا أعلامهم على طول الطريق مشاركة لنا في مصيبتنا العامة.
وفي الساعة الرابعة تحرك الموكب من محطة العاصمة تتقدمه موسيقى الأحداث عازفة ألحانا محزنة، وكان أفرادها يلبسون ثيابا سماوية اللون، ففرق الكشافة السلطانية تتقدمها موسيقاها وعلمها منكس، فكشافة مدرسة السعادة، ففرقة الكشافة الإلهامية، فكشافة المدرسة الخيرية الإيرانية، فكشافة وادي النيل، فالكشافة الأهلية، فكشافة مدارس التوفيق، ففرقة كشافة المستقبل، فكشافة الجمالية، فكشافة الأرمن، فمتطوعو جمعية الإسعاف، وكانت كل فرقة تحمل علمها الخاص.
ويلي هؤلاء طلبة مدرسة البوليس، فطلبة المدرسة الحربية، ففريق من الجالية الإيطالية وهيئتها الرسمية والعلم الإيطالي، وقد قابل الجمهور المصري صنيعهم بالشكر والامتنان، وتلاهم طلبة المدرسة الخديوية، فالتوفيقية، فالسعدية، فالعباسية، فالإعدادية الثانوية والابتدائية، فمدرسة وادي النيل، فالرشاد، فالهياتم، فالأقباط الكبرى، فمدارس الجمعية الخيرية الإسلامية، فالمدرسة الخيرية الإيرانية، فكلية مصطفى كامل، فمدرسة ثمرة التوفيق، فالكلية الأهلية، فالاتحاد الوطني، فالمدرسة السلطانية، فالمدرسة الأهلية المصرية، فمدرسة باب الحديد الثانوية، فمدرسة الفنون الجميلة، فورشة مصر الصناعية الأميرية، فورشة الصنائع الإلهامية، فالطلبة المصريون في المدرسة الفرنسوية الليلية، فطلبة مدرسة الأمريكان الثانوية، فمدرسة صدق الوفاء، فالمدرسة الناصرية فمدرسة العقادين، فمدرسة عابدين، فالمدرسة المحمدية الأميرية، فمدرسة الجيزة، فمدرسة الفنون والزخارف المصرية، فأعضاء نادي خريجي مدرسة المحاسبة والتجارة المتوسطة، فطلبة مدرسة المحاسبة والتجارة المتوسطة، فطلبة مدرسة مشتهر الزراعية، فطلبة الأزهر الشريف، فالمدرسة الإكليريكية القبطية، فمدرسة إليانس الإسرائيلية، فمدرسة المعلمين الأولية في القاهرة، فمدرسة المعلمين التابعة لمجلس مديرية الجيزة، فوفد من طلبة مدرسة بني سويف، فطلبة مدرسة دار العلوم، فمدرسة القضاء الشرعي، فمدرسة الفنون والصنائع السلطانية الأميرية، فطلبة مدرسة التجارة العليا وخريجوها، فطلبة مدرسة الهندسة، فالحقوق، فطلبة الحقوق في الجامعة المصرية، فطلبة مدرسة الحقوق الفرنسية، فمدرسة الزراعة العليا، فمدرسة المعلمين العليا، فمدرسة الطب السلطانية. وكانت كل مدرسة تحمل علمها منكسا وصور الشهداء وباقات الزهر.
وتلا الطلبة أعضاء المحفل الوطني المصري الأكبر، وكان يتقدمهم حضرة صاحب العطوفة الأستاذ الأعظم إدريس راغب بك وأمامه حامل علم الماسون، فموظفو وزارة المعارف العمومية، فوفد من الجيزة تصحبه الموسيقى تعزف بنغماتها المحزنة، فموظفو التلغراف المصري، فأعضاء نادي النسر الذهبي، فنادي المتحف الفني، فنادي موظفي البريد، فموظفو وزارة الحربية، فنادي المعارف، فوفود من الجمعيات اللبنانية يحملون علم لبنان الجديد وهو أبيض في وسطه شجرة خضراء تمثل أرز لبنان، فجمعية اتحاد الشبان المسيحيين، ويليهم أعضاء نادي النجم الأبيض، فتلميذات جمعية المرأة الجديدة، فالآباء القساوسة، فموسيقى ملجأ الأيتام التابع لوزارة الأوقاف، فطلبة الطب البيطري. ويلي هذه الجموع كلها نعشا المرحومين أحمد طلعت ورزق يعقوب، فنعشا المرحومين فريد رزق الله وحسين چلبي ملفوفين في الراية المصرية، وأمامهما أكاليل لطيفة بيضاء محمولة على أيدي كثيرين من الرجال، فالمشيعون من العظماء والكبراء والأعيان والتجار يتقدمهم حضرة صاحب السعادة الفريق شحاتة كامل باشا كبير الياوران في القصر السلطاني موفدا من قبل عظمة السلطان، فمندوب من فخامة نائب الملك، فمندوب من قائد القوات البريطانية في القطر المصري، وآخر من سمو الأمير عبد الله أحد أنجال ملك الحجاز، فحضرة صاحب السعادة محمد شكري باشا نائبا عن وزارة الحقانية، فحضرة صاحب السعادة إسماعيل حسنين باشا نائبا عن وزارة المعارف العمومية، فحضرات أصحاب الدولة والمعالي والسعادة حسين رشدي باشا وجعفر ولي باشا وإسماعيل صدقي باشا وعبد الخالق ثروت باشا وأحمد حشمت باشا ويوسف سابا باشا، والجنرال السير جيلبرت كلايتون، والمستر رجنالد بترسون مستشار وزارة المعارف العمومية، ومحمود فخري باشا، فالشيخ الجليل محمود سليمان باشا رئيس لجنة الوفد المركزية محوطا بأعضاء لجنته الأماثل، فآخرون ممن لا تحضرنا أسماؤهم.
ويلي هذا الجمع العظيم كله موظفو وزارة المالية، فموظفو مصلحة الأملاك، فموظفو نزع الملكية ، فموظفو المطبعة الأميرية، فأعضاء نقابة الحلاقين، فموظفو مصلحة الورش الأميرية، فأعضاء نقابة عمال الصنائع اليدوية، فموظفو مصلحة السكك الحديدية، فموظفو وزارة الزراعة، فموظفو مصلحة الصحة ، فتجار الصاغة والجوهرية، فأعضاء جمعية تضامن العمال، فأعضاء نقابة عمال النسيج وملحقاته، فأعضاء سائر النقابات الأخرى، ومن جملتهم أعضاء نقابة الترام في القاهرة ومصر الجديدة، فأرتال من السيارات والمركبات مجللة بالرايات المطوقة بشارات الحداد تقل كرائم العقائل والأوانس الوطنيات، فثلة من فرسان البوليس جعلت ساقة للموكب لتمنع إطباق العامة عليه.
صفحة غير معروفة