على أسماء ويتواطأ عليها ، ولو فعلنا ذلك أولم نفعله ، بل قبلنا ما فعلوه ، لم يكن في أيدينا إلا أسماء ثلاثة ، وما كان يحصل لنا من معانى المبادئ شيء البتة ، وبئس ما فعل من رضى بهذا لنفسه.
وليس يمكننا أيضا أن نقول إن كل واحد منها يدل على ما يشمله بالتواطؤ الصرف (1)، فكيف (2) وقد وقع تحت كل واحد منها أصناف شتى من مقولات شتى تختلف (3) في معنى المبدئية بالتقديم والتأخير ، وبالأخرى (4)، بل يجب أن تكون دلالتها دلالة التشكيك كدلالة الوجود والمبدأ والوحدة. وقد عرفنا الفرق بين المشكك (5) وبين المتفق والمتواطئ في المنطق فلجميع ما يقال إنه هيولى طبيعة (6) تشترك في معنى أنها أمر من شأنه أن يحصل له أمر آخر في ذاته ، بعد أن ليس (7) له ، وهو الذي يكون منه (8) الشيء وهو فيه لا بالعرض. فربما كان هو بسيطا ، وربما كان مركبا بعد البسيط كالخشب للسرير ، وربما كان الحاصل له صورة جوهرية أو هيئة عرضية. وجميع ما يقال له (9) إنه صورة فهو الهيئة الحاصلة (10) لمثل هذا الأمر المذكور ، والذي (11) يحصل منهما أمر من الأمور بهذا النحو من التركيب. وجميع ما يقال له عدم فهو لا وجود ، مثل هذا الشيء الذي سميناه صورة فيما من شأنه أن يحصل له. وجميع نظرنا في الصورة هاهنا واعتبارنا مبدئيتها (12) مصروف إلى كونه مبدأ بأنه أحد جزئى الكائن لا أنه فاعل ، وإن جاز أن يكون صورة فاعلا. وقد كنا بينا أن الطبيعى لا يشتغل بالمبدإ الفاعلى والغائى المشتركين (13) بالنحو الأول للأمور الطبيعية كلها ، فحرى بنا أن نشتغل بالمبدإ الفاعلى (14) المشترك للطبيعيات التي بعده.
وإذ (15) قد فرغ من المبادئ التي هى أحرى بأن (16) تسمى مبادئ أى (17) المقومة (18) للكائن أو للجسم الطبيعى ، فيجب أن نشتغل بالمبادئ التي هى أولى بأن (19) تسمى عللا ، ولنعرف منها المبدأ الفاعلى المشترك للطبيعيات وهو الطبيعة.
صفحة ٢٥