الأعيان الموجودة منها ، فههنا هيولات تكون وتفسد كالخشب للسرير والعفص والزاج (1) للحبر. والهيولى الأولى التي أشرنا إليها لا تكون ولا تفسد ، إنما (2) هى متعلقة الحصول بالإبداع. وأما الصور (3) فبعضها يكون ويفسد ، وهى التي في الكائنة الفاسدة ، وبعضها لا يكون ولا يفسد وهى التي في المبدعات. وقد يقال لها إنها لا تكون ولا تفسد بمعنى آخر ، فإنه ربما (4) قيل للصور التي في (5) الكائنات (6) الفاسدة إنها لا تكون ولا تفسد بمعنى إنها غير من هيولى وصورة حتى تكون وتفسد (7)، إذ يراد بالكون حينئذ حصول صورة لموضوع ويكون الكائن مجموعها (8) وبالفساد ما يقابله. وأما العدم ، فإذا كان كونه ، إن كان له كون ، هو حصوله بعد ما لم يكن ، وكان حصول وجوده (9) ليس وجود ما له ذات حاصلة (10) بنفسه (11)، بل كان وجوده بالعرض لأنه عدم شيء معين في شيء معين هو الذي فيه قوته ، فيكون له نحو من الكون أيضا بالعرض ومن الفساد بالعرض. فكونه هو أن تفسد الصورة عن المادة فيحصل عدم بهذه الصفة ، وفساده أن تحصل (12) الصورة فلا يكون حينئذ العدم الذي بهذه الصفة (13) موجودا ، ولهذا العدم عدم بالعرض ، كما أن له وجودا بالعرض ، وعدمه هو (14) الصورة لكن ليس قوام الصورة ووجودها هو بالقياس إليه ، بل ذلك يعرض له باعتبار ما. وقوام هذا العدم ووجوده هو بنفس القياس إلى هذه الصورة ، فكان (15) عدم العدم اعتبار ما يعرض (16) للصورة من الاعتبارات الإضافية التي ربما عرضت للشيء إلى غير نهاية ، والقوة على العدم هى بهذه المنزلة ، لأن القوة الحقيقية هى بالقياس إلى الفعل والاستكمال (17) ولا استكمال بالعدم ولا فعل حقيقيا له.
ويجب أن نعلم أيضا أن هذه المبادئ الثلاثة المشتركة على أى نحو يكون مشتركا فيها بالقياس إلى ما تحت كل واحد مما (18) فيه تكون الشركة (19)، فإنه يعظم علينا ما يقولونه من أن اسم كل واحد منها مشترك ، فإنه إن (20) كان كذلك فيكون سعى الجماعة مقصورا على أن يوجدوا للمبادئ الكثيرة ثلاثة أسماء يعم كل اسم منها طائفة من المبادئ ، وتحتوى الأسماء الثلاثة على الجميع. فإن هذا قد كان يكفى (21) أن يكون المهم (22) فيه بأن يصطلح فيما بيننا
صفحة ٢٤