الكون والفساد من كتاب الشفاء

ابن سينا ت. 428 هجري
98

الكون والفساد من كتاب الشفاء

تصانيف

وأما بالجملة فإن الكيفية نفسها لا تنفعل ألبتة البتة ، ووحدها لا تفعل؛ إذ لا توجد وحدها. وإنما تفعل بأن تماس أو تحاذى، أو يكون لها النسبة [فى النصبة] التى بها يصح الفعل.

ثم الحرارة والبرودة ليستا من الكيفيات التى بها يستعد الجوهر لانفعال ما، خصوصا ما أورد فى الشك. وذلك لأن الحر ليس استعداد للبرد لأنه حار، كيف والبرد يبطل الحر؟ وما دام هو حارا فيمتنع أن يصير باردا. فالحر يمنع وجود البرد، لا أن يعد له المادة؛ بل المادة مستعدة بنفسها لقبول البرد المعدوم فيها. لكنه يتفق أن يقارن تلك الحالة وجود الحر الذى يضاد البرد، ويمانعه، ويستحيل وجوده معه.

وكذلك حال الرطوبة عند اليبس. وليست الرطوبة انفعالية؛ لأن الرطب قد ينفعل إلى اليبس، وهو رطب؛ بل بأن تزول رطوبته. وهذا النمط لا يجعل الكيفية انفعالية؛ بل نحو النمط الذى للرطوبة فى قبول جسمها التشكيل والتوصيل بسهولة. فإن الجوهر يقبل بالرطوبة هذا التأثير، وهو رطب، ويبقى له ذلك ما بقيت الرطوبة.

صفحة ١٧٤