ولا يمتنع أن يكون بعض مقادير الكيفيات بحيث لا يصلح لبعض الأمور، وبعضها يصلح. فإنا ندري أنه لا يستوي الغالب والمعتدل، وإن كنا ندري أن فعل الغالب والمنكسر من جنس واحد، لكنه تارة قوي، وتارة منكسر، وليس صلوحه لشىء من الأشياء هو فعله. وليس إذا كان فعله متجانسا يجب أن يكون صلوحه متجانسا. فأنت تعلم أن الحرارة القوية جدا لا تصلح لإنضاج الخبز، وإنما تصلح له الحرارة بقدر دون الغالب. فالمزاج إذن لا يوجب إعدادا لم يكن؛ بل الاستعداد قائم فى المادة. فربما حيل بين المادة وبين ما هي مستعدة له بكيفية. وربما دفعت تلك الكيفية بضدها، فخلص الاستعداد عن العوق، لا لأنه حدث فى أمر المادة استعداد لم يكن.
فالمزاج علة عرضية للاستعداد، بمعنى أنه يميط المانع. وليس يلزم من ذلك أن يكون فعلا الحرارتين إلا بالأشد والأضعف.
فبين أن قياس ما قيل ليس قياس الاستعداد.
صفحة ٢٦٠