ونحن نشاهد فى المركبات طعوما وأراييح وألوانا ليست فى البسائط. ونشاهد أيضا أفعالا تصدر عنها ليست فى البسائط، لا صرفة، ولا مكسورة، وذلك مثل جذب المغناطيس للحديد والكهربا للتبن، والسقمونيا للصفراء؛ وأفعالا وأحوالا أخرى للجمادات والنبات، بل للحيوانات. والحياة أيضا من هذه الجملة.
فمعلوم أن هذه الأشياء إنما تحصل لهذه الأجسام بعد المزاج. فمن الناس من ظن أن هذه الأفعال نسب تقع بين الممتزجات؛ بل بين المجتمعات، عند الذىن لا يقولون بالمزاج، وبين أمور أخرى. فيقولون إنه لا لون بالحقيقة، وإن اللون الذى يرى هو وضع وترتيب مخصوص يكون للأجرام الغير المتجزئة بعضها عند بعض، وعند الأجسام الشعاعية التى تقع عليها؛ وإن الطعوم أيضا هي انفعالات تعرض من تقطيع حدة تلك الأجسام وزواياها على نظم مخصوص، فيكون الذى يقطع تقطيعا إلى عدد كثير، صغار مقادير الآحاد، شديد النفوذ يرى محرقا حريفا؛ والذى يتلافى تقطيعا مثل ذلك يسمى حلوا وكذلك فى الروائح، وإنه لا طعم فى الحقيقة ولا لون ولا رائحة. ولو كان لون حقيقي لكان طوق الحمامة لا يختلف حكمه عند البصر، مع اختلاف مقامات الناظر، إذا انتقل الناظر،، وجعل يستبدل بالقياس إليه وإلى الشمس، وضعا بعد وضع. ولو كان طعم حقيقي لكان الممرور لا يستمرئ العمل. فهذا مذهب قوم. وقوم يرون أن الأمر بالضد، وأن العناصر موجود فيها اللون والرائحة والطعم، إلا أنها كامنة مغمورة بما لا لون له ولا رائحة له، وأن المزاج لا فائدة له فى حصول ما ليس من ذلك؛ بل فى ظهوره. وهؤلاء أصحاب الكمون.
صفحة ٢٥٢