ما هو أعظم من ذلك، فإن الحلو أو اللحم دائمًا هو أجل في نوعه وأعظم في قدره مما كان على المائدة من الزيتون والمسك وغيرهما، وذكرت له نحوًا من ذلك مما تبين أن تخصيص المسيح بالاتحاد ودعوى الإلهية ليس له وجه، وإن سائر ما يذكر فيه إما أن يكون مشتركًا بينه وبين غيره من الأنبياء والرسل، مع أن بعض الرسل كإبراهيم وموسى قد يكون أكمل في ذلك منه.
وأما خلقه من امرأة بلا رجل، فخلق حواء من رجل بلا امرأة أعجب من ذلك، فإنه خلق من بطن امرأة، وهذا معتاد، بخلاف الخلق من ضلع رجل، فإن هذا ليس بمعتاد، فما من أمر يذكر في المسيح ﷺ إلا وقد شركه فيه أو فيما هو أعظم منه غيره من بني آدم)
قلت: إذًا فشيخ الإسلام عندما عقد هذه المقارنة بين موسى وعيسى ﵉ وما ثبت لهما من فضائل إنما يريد الرد على من يغلو في عيسى ﵇ مستغلًا ما ثبت له من خصائص على حساب غيره من الأنبياء، فأراد شيخ الإسلام أن يوقف غلوه هذا ببيان أن ما ثبت لعيسى من خصائص فإنها ثابتة لغيره من الأنبياء، مثلها أو أعظم منها، فلماذا هذا الغلو؟