شرح طيبة النشر في القراءات العشر

وتقول: إنما هو ولق الكذب، فقال يحيى: ما يضرك ألا تكون سمعته (١) من عائشة، نافع ثقة على أبى، وأبى ثقة على عائشة، وما يسرنى أنى قرأتها هكذا (٢) ولي كذا وكذا. قلت: ولم وأنت تزعم (٣) أنها قالت؟ قال: لأنه (٤) غير قراءة الناس، ونحن لو وجدنا رجلا يقرأ بما ليس بين اللوحين ما كان (٥) بيننا وبينه إلا التوبة أو نضرب عنقه، نجيء (٦) به عن الأئمة عن الأمة عن النبى ﷺ عن جبريل عن الله ﷿ وتقولون [أنتم] (٧): حدثنا فلان الأعرج (٨) عن فلان الأعمى، ما أدرى ماذا؟ وقال (٩) هارون: ذكرت ذلك لأبى عمرو- يعنى القراءة المعزوة إلى عائشة- فقال: قد سمعت قبل أن تولد، ولكنا لا نأخذ به (١٠). وقال محمد بن صالح (١١): سمعت رجلا يقول لأبى عمرو: كيف تقرأ: لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ وَلا يُوثِقُ وَثاقَهُ أَحَدٌ [الفجر: ٢٥، ٢٦]؟ قال: لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ. فقال (١٢) الرجل: كيف وقد جاء عن النبى ﷺ لا يُعَذِّبُ عَذابَهُ أَحَدٌ فقال [له] (١٣) أبو عمرو: ولو سمعت الرجل الذى قال: سمعت النبى ﷺ، ما أخذته (١٤) عنه، وتدرى لم ذلك (١٥)؟ لأنى أتهم الواحد الشاذ إذا كان على خلاف ما جاءت به الأمة. فانظر هذا الإنكار العظيم من أبى عمرو شيخ وقته فى القراءة (١٦) والأدب، مع أن القراءة (١٧) ثابتة أيضا بالتواتر، وقد يتواتر الخبر [أيضا] (١٨) عند قوم دون قوم، وإنما أنكرها أبو عمرو؛ لأنها لم تبلغه على وجه التواتر. وقال أبو حاتم (١٩) السجستانى (٢٠): أول من تتبع بالبصرة وجوه القرآن وألفها، وتتبع

(١) فى ص: لا يكون سمعه. (٢) فى م: كذا. (٣) فى م: تزعم أنت. (٤) فى ص: لأنها. (٥) فى ص: لم يكن. (٦) فى ز، ص: يجيء. (٧) سقط فى م. (٨) فى ص: عن الأعرج. (٩) فى م: ماذا قال. (١٠) فى م: ولكن لا تأخذ به. (١١) هو محمد بن صالح أبو إسحاق المرى البصرى الخياط، روى الحروف سماعا عن شبل بن عباد، روى القراءة عنه عرضا محمد بن عبد الله بن القاسم بن أبى بزة وروى الحروف عنه روح ابن عبد المؤمن وإسحاق بن أبى إسرائيل، وروى عنه الدانى أنه قال سألت شبل بن عباد عن قراءة أهل مكة فيما اختلفوا فيه وفيما اتفقوا عليه فقال إذا لم أذكر ابن محيصن فهو المجتمع عليه وإذا ذكرت ابن محيصن فقد اختلف هو وعبد الله بن كثير وذكر القراءة. ينظر: غاية النهاية (٢/ ١٥٥ - ١٥٦). (١٢) فى ص: فقال له. (١٣) سقط فى د. (١٤) فى م: ما أخذت. (١٥) فى ص: ذاك. (١٦) فى م: ثقة فى القراءات. (١٧) فى ز: هذه. (١٨) زيادة من م. (١٩) فى م: أبو عمرو. (٢٠) هو سهل بن محمد بن عثمان بن القاسم أبو حاتم السجستانى صاحب إعراب القرآن وغير ذلك،