شيء [1] وهو بكل شيء عليم [2] .
ولا تلمسه لامسة ولا تحسه حاسة
قد مضى [3] تحقيق وجوه «الملامسة» وأنها كلها عن الله منفية. ونفي إدراك الحواس إياه، على العموم؛ لأنها نكرة منفية [4] فكما انه لا تصل إليه الحواس الظاهرة فكذا لا يدركه الباطنة. وسر ذلك ان الإدراك هو الإحاطة بالشيء [5] في الحقيقة ولا يحيطون به علما [6] ، هذا من جهة المدرك؛ وأما من جهته سبحانه فهو ان المحسوس بالحواس لا بد وأن يكون جسمانيا وهو منزه عن الجسمية ولوازمها.
وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله وهو الحكيم العليم [7]
لعل المراد من الآية، أن نسبته سبحانه إلى الكل سواء فلا يتوهم أن أهل السماء لا يعبدونه لقربهم من كرسي عظمته أو لرفعة مكانهم بل هم يعبدونه ويتألهون إليه، كما ان أهل الأرض يعبدونه ويتضرعون إليه. وفي الخبر: «ان الملأ الأعلى يطلبونه كما تطلبونه أنتم» [8] . و«الحكيم العليم» الذي يعلم نظام الخير في الأشياء ويضعها على وجه يؤديها إلى أصلها وغايتها ويترتب على مجموعها الخير المحض والكمال
صفحة ٩٧