لا أن الأشياء فيه، ولا أنه متبعض بالأشياء، بل على انه محيط بها علما وقدرة وهذا مراد من قال من أرباب المعرفة: ان البسيط عنه وفيه شيء واحد؛ بمعنى ان قول «فيه» في القوابل إنما هو معنى «عنه» في الفواعل، لا انه يصح عليه القولان.
وعلى هذا، [1] فالخبران: أي ما ورد عنهم عليهم السلام: من انه تعالى خلو من الأشياء وما ورد هنا: «من انه لم يخل منها»، لا يتدافعان؛ فافهم.
ولنرجع إلى بيان العبارة فنقول: لو كان هو سبحانه خاليا من الأشياء ، لكان يصح أن يقال: «هو أين منها؟»؛ إذ قد ثبت انه مع الأشياء فلو كان خاليا عنها غير محيط بها، لكان يصح أن ينسب إلى الأشياء بأنه أين منها، أما إذا كان محيطا بها، غير فاقد إياها، وظاهرا في الأشياء [2] ، وباطنا فيها، وان الكل عنده هالك، وليس شيء في الحقيقة الا هو، فلا يمكن أن يقال: «هو أين منها؟» إذ ليس بالنسبة إليه شيء الا هالكة الحقيقة باطلة الذات والهوية.
[وجه إحاطته تعالى على الأشياء]
لكنه سبحانه أحاط بها علمه، وأتقنها صنعه، واحصاها حفظه، ولم تعزب عنه خفيات غيوب الهواء، ولا غوامض مكنون الدجى، ولا ما فى السماوات العلى والأرضين السفلى
هذه الفقرات بعد إبطال [3] الحلول وقرائنه، بيان لأربعة وجوه من الإحاطة:
فالأولى، للإحاطة العلمية؛
والثانية، وهي قوله: «وأتقنها صنعه» للإحاطة العلية؛
صفحة ١٩٦