167

ولما كان للبارئ معنى غير المبروء

هذا هو الدليل السادس وتقريره: إن المخلوق هو المتحرك؛ إذ هو الذي خرج من قوة الإمكان إلى فعلية الوجوب، ومن فقر النقصان إلى غنى الكمال، فلو كان الله سبحانه يجري عليه الحركة بوجه من الوجوه لما كان فرق بينه وبين المخلوق.

ولو [1] حد له وراء اذا، حد له امام. ولو التمس له التمام اذا، لزمه النقصان

يمكن أن تكون هاتان الفقرتان من وجوه التنزيه والتقديس، وأن يكونا إشارتين إلى الدليل السابع والثامن لنفي الحركة وهذا اظهر:

تقرير الاول:

إن المتحرك لا بد له [2] في حركته من أن يتخلف ورائه شيئا، ويتوجه إلى ما هو أمامه ومقصوده فكل ما يوجد له وراء يجب أن يوجد له حد آخر هو [3] أمامه وإلا لزم وجود أحد المتقابلين بدون الآخر. والله تعالى منزه عن الحدود إذ الحد يستلزم التركيب المشعر بالإمكان.

وتقرير الثاني:

إن الحركة انما هي لتحصيل كمال وطلب منزلة لا يصل إليها الا بالحركة وكل طالب كمال يلزمه النقصان عن ذلك الكمال الذي يطلبه ويلتمسه بالحركة، والنقصان من لوازم الإمكان.

كيف يستحق الأزل من لا يمتنع من الحدث

هذا وما بعده تأكيدات لما قبلها؛ لأنه قد ظهر أن الحركة تستلزم الحدوث فكيف يكون الشيء الذي لا يأبى من الحدوث مستحقا للأزلية؛ إذ الحدوث

صفحة ١٨٢