148

بشيء دون شيء؛ إذ العالم صنعه بكله [1] وهو خالق كل شيء ولا يفوته شيء ولا يؤده حفظ شيء فالأشياء بطبائعها الخاصة بها، حيث لا يتجاوز عن الأفاعيل المأمورة بها. والمقامات المعلومة لها [2] شاهدة على ان مغرزها- أي جاعلها ذوات غرائز- ليس [3] له غريزة وإلا لاختص فعله بشيء دون شيء وليس كذلك إذ العقل الذي هو أول شيء من أفعاله سبحانه مشتمل على كل شيء وهكذا إلى أن ينتهي الأمر إلى ما لا أسفل منه فهو فعله وصنعه وسيأتي زيادة توضيح لذلك- إن شاء الله-.

[وجه انه تعالى لا يوصف بالتفاوت]

دالة بتفاوتها ان لا تفاوت لمفاوتها

المفاعلة، على معنى الجعل والتصيير، كالتفعيل، فيما سبق من «المغرز» وفي ما سيأتي من المباين وغيره. والمراد «بالتفاوت» إنما هو تفاوت الشيء الواحد:

بالنقص إلى أن يستكمل؛ وبالقوة إلى أن يخرج إلى الفعل؛ وبالضعف إلى أن يشتد؛ وبالنقصان إلى أن يزيد. ولا يخلو من واحد منها ممكن مفارق أو مقارن.

وأقل ذلك، ان القوة إلا مكانية يحتاج إلى أن يخرج إلى فعلية الوجوب والله سبحانه هو المخرج إياها من قوتها إلى فعلها ومن نقصها إلى كمالها إلى غير ذلك؛ فلا يوصف «بالتفاوت» بالقاعدة المذكورة.

وأيضا، لو كان هو كذلك لاحتاج إلى مخرج آخر وهو محال: إما للخلف، لأنه قد فرض ان جميع ما هو بالقوة فانما يحتاج إلى مخرج هو بالفعل من جميع الوجوه وإلا لكان هو من جملة هذا المجموع وإما لاستحالة التسلسل، كما هو

صفحة ١٦٣