قوله: "بل هو العلم" تعريف مخترع للفقه بحيث تنضبط معلوماته والتقييد بكل الأحكام يخرج به البعض إلا أنه يدل على أنه إذا ظهر نزول الوحي بحكم أو بحكمين فالعالم به مع الملكة المذكورة وللخطأ في الاجتهاد ولأن حكم بعض الحوادث ربما يكون مما ليس للاجتهاد فيه مساغ وأيضا لا يليق في الحدود أن يذكر العلم ويراد به تهيؤ مخصوص إذ لا دلالة للفظ عليه أصلا وإذا عرفت هذا فلا بد أن يكون الفقه علما بجملة متناهية مضبوطة فلهذا قال: "بل هو العلم بكل الأحكام الشرعية العملية التي قد ظهر نزول الوحي بها والتي انعقد الإجماع عليها من أدلتها مع ملكة الاستنباط الصحيح منها" فالمعتبر أن يعلم في أي وقت كان جميع ما قد ظهر نزول الوحي به في ذلك الوقت فالصحابة رضي الله تعالى عنهم كانوا فقهاء في وقت نزول بعض الأحكام بعده، ثم ما لم يظهر نزول الوحي به قد لا يعلمه الفقيه والصحابة رضي الله عنهم لعربيتهم كانوا عالمين بما ذكر ولم يطلق الفقيه إلا على المستنبطين منهم وعلم المسائل الإجماعية يشترط إلا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدم الإجماع في زمنه
...................................................................... ..........................
لا يسمى فقيها وإذا علم ثلاثة أحكام يسمى فقيها وقيد نزول الوحي بالظهور احترازا عما نزل به الوحي ولم يبلغ بعد فليس من شرط الفقيه معرفته.
قوله: "مع ملكة الاستنباط" أي العلم بما ذكر بشرط كونه مقرونا بملكة استنباط الفروع القياسية من تلك الأحكام أو استنباط الأحكام من أدلتها حتى إن العلم بالحكم بمجرد سماع النص للعلم باللغة من غير اقتدار على النظر والاستدلال لا يعد من الفقه والأول أوجه.
صفحة ٣١