شرح صحيح البخاري - أسامة سليمان

أسامة سليمان ت. غير معلوم
112

شرح صحيح البخاري - أسامة سليمان

تصانيف

باب إحداد المرأة على غير زوجها قال البخاري ﵀: [باب: إحداد المرأة على غير زوجها]. ومعناه: الحداد، وهو أن تنتهي المرأة عن التطيب والتزين، وأن تلبس الأسود وتستقر في بيتها، ولا تخرج أبدًا إلا لمسوغ شرعي. ولا يجوز للمرأة أن تحد على غير زوجها أكثر من ثلاثة أيام، وإن طلبها زوجها للجماع في هذه المدة فرفضت فهي عاصية؛ لأن الحداد على غير الزوج ليس على سبيل الوجوب، وإنما هو على سبيل الاستحباب، أما الحداد على الزوج فهو على سبيل الوجوب؛ ولذلك نهى عمر امرأة عن الحج وأعادها من ذي الحليفة؛ لأن زوجها قد مات، فلا يجوز للمرأة أن تخرج بحال عند حدادها على زوجها المتوفى. قال: [قال: توفي ابن لـ أم عطية ﵂، فلما كان اليوم الثالث -يعني: اليوم الثالث من موته- دعت بصفرة فتمسحت به]. يعني: بطيب وتطيبت لزوجها بعد ثلاثة أيام، والزوجة التي تحد أكثر من ثلاثة أيام على غير زوجها آثمة عاصية، والحداد في الإسلام لا يكون إلا للمرأة فقط دون الرجل، لكن بعض الرجال يلبس السواد ويعفي اللحية -هذا خير إن شاء الله- وينكس العلم ويقول: دقيقة حداد على روح المرحوم! وهل هناك في الإسلام دقيقة حداد؟! هذا ليس من الشرع في شيء، وإقامة الحفلات لتأبين المرحوم ليست من الشرع، وعندما يصفر الحكم قبل المباراة، ويقف اللاعبون دقيقة حداد هذا كله ليس من الشرع، وإنما هو تقليد أوروبي أخذناه، فالحداد للزوجة على زوجها أربعة أشهر وعشر، لا تخرج من بيتها ولا تتطيب، ولا تضع الكحل في عينها، ولا تلبس أبدًا لونًا بخلاف السواد؛ لأن هذا يشير إلى عظم حق الزوج عليها، ولا تخرج إلا لطعام وليس لها من يشتريه، أو تخرج لطبيبة عند تعذر مجيء الطبيبة إلى المنزل، لكن الحج لا يجوز أن تخرج إليه، فهل هذا يقع في حياتنا؟ بعد أسبوع من وفاة زوجها تقول: الله يرحمه ويحسن إليه! وتخرج شمالًا ويمينًا! هذا يا عبد الله! مخالف للشرع، والحداد على الابن أو الأخ أو العم أو الخال أو الأم أو الأب يكون ثلاثة أيام، فإن مات أخوها مثلًا وطلبها الزوج لفراشه فلا يجوز لها أن تمتنع حتى في مدة الثلاثة أيام. قال: [قال: فلما كان اليوم الثالث دعت بصفرة فتمسحت به، وقالت أم عطية: (نهينا أن نحد أكثر من ثلاث إلا بزوج). وروى الحميدي عن زينب بنت أبي سلمة قالت: (لما جاء نعي أبي سفيان من الشام دعت أم حبيبة ﵂ بصفرة في اليوم الثالث، فمسحت عارضيها وذراعيها، وقالت: إني كنت عن هذا لغنية، لولا أني سمعت النبي ﷺ يقول: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرًا)]. قال: فمن صيغ التحريم لا يحل بمعنى: يحرم. [ثم أتى البخاري بحديث أم حبيبة زوج النبي ﷺ قالت: سمعت رسول الله ﷺ يقول: (لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا، ثم دخلت على زينب بنت جحش حين توفي أخوها، فدعت بطيب فمست، ثم قالت: ما لي بالطيب من حاجة)]. يعني: زينب بنت جحش لما مات أخوها دعت بطيب بعد اليوم الثالث، ثم قالت: أنا لا أحتاج إلى الطيب، لكن النساء كن يقفن عند الشرع. قال: [قالت: (ما لي بالطيب من حاجة، غير أني سمعت رسول الله ﷺ على المنبر يقول: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا)]. فهذه الأحاديث كلها تبين الحكم الشرعي في الحداد.

6 / 9