باب اتباع النساء الجنائز
قال البخاري ﵀: [باب: اتباع النساء الجنائز].
هل يجوز للمرأة أن تتبع الجنائز؟ المالكية على الجواز، وأدلة جمهور العلماء على عدم الجواز، وهو الرأي الراجح، والنهي هنا ليس للتحريم وإنما هو للكراهة؛ لأن النص يحمل الكراهة.
قال: [حدثنا قبيصة إلى أن قال: عن أم عطية ﵂ قالت: (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا)].
هذا الحديث يسمى عند علماء الحديث مرسلًا، إذا قال الصحابي: أمرنا أو نهينا فالناهي والآمر هو النبي ﷺ، وإذا قال النبي ﷺ: أمرت فالآمر هو الله ﷿، فقوله: أمرنا بكذا ونهينا عن كذا يسمى عند علماء الحديث من مراسيل الصحابة، ولها حكم الرفع، فـ أم عطية ﵂ تقول: (نهينا عن اتباع الجنائز)، أي: نهانا النبي ﷺ عن أن نتبع الجنائز، (ولم يعزم علينا)، يعني: لم يشدد علينا في النهي، وهذا يصرف النهي من التحريم إلى الكراهة.
فبين البخاري أن اتباع الجنائز من الإيمان، وذكر حديث: (من صلى على جنازة ثم تبعها حتى يفرغ من دفنها فإنه يرجع من الأجر بقيراطين)، ثم وضح أن أمر الاتباع خاص بالرجال، لكن الصلاة على الجنازة للرجال والنساء معًا؛ لأنه ما ينطبق على الرجال ينطبق على النساء إلا إذا خص الرجال بدليل.
وقول أم عطية: (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا) يؤكد النهي، لكن المالكية على الجواز شريطة ألا تدخل المقابر؛ لأن النبي ﷺ رأى ابنته فاطمة، فلما سألها قالت: أنها كانت في جنازة ثم عادت، فلم ينكر عليها.
وقول الجمهور هو الصواب؛ لأن قول أم عطية: (نهينا) فيه نهي واضح عن اتباع الجنائز، (ولم يعزم علينا) أي: لم يشدد علينا في النهي.
6 / 8