شرح رياض الصالحين لابن عثيمين
الناشر
دار الوطن للنشر
سنة النشر
١٤٢٦ هجري
مكان النشر
الرياض
تصانيف
علوم الحديث
الإسلامية، بعد نبيها ﷺ وبعد الخليفة الأول، فعمر هو الخليفة الثاني.
وكان قد اشتهر بالعدل بين الرعية، وبالتواضع للحق، حتى أن المرأة ربما تذكره بالآية في كتاب الله فيقف عندها ولا يتجاوزها، فقد قدم عليه عيينة بن حصن - وكان من كبار قومه - فقال له: هيه يا ابن الخطاب. هذه كلمة استنكار وتلوم. وقال له: إنك لا تعطينا الجزل، ولا تحكم فينا بالعدل.
انظر إلى هذا الرجل يتكلم عن هذا الخليفة المشهور بالعدل بهذا الكلام، مع أن عمر كما قال ابن عباس ﵁ (٠ كان جلساؤه القراء» القراء من أصحاب رسول الله ﷺ هم جلساؤه، سواء كانوا شيوخا أو كهولا أو شبابا، يشاورهم ويدينهم، وهكذا ينبغي لكل أمير أو خليفة أن يكون جلساؤه الصالحين؛ لأنه أن قيض له جلساء غير صالحين؛ هلك وأهلك الأمة، وإن يسر الله له جلساء صالحين نفع الله به الأمة. فالواجب على ولي الأمر أن يختار من الجلساء أهل العلم والإيمان. وكان الصحابة ﵃ القراء منهم هم أهل العلم، لأنهم لا يتجاوزون عشر آيات حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل.
لما قال الرجل هذا الكلام لعمر: إنك لا تعطينا الجزل ولا تحكم فينا بالعدل، غضب ﵁ غضبا حتى كاد يوقع به، أي: يضر به أو يبطش به.
ولكن ابن أخي عيينة الحر بن قيس قال له: يا أمير
1 / 276