شرح رياض الصالحين لابن عثيمين
الناشر
دار الوطن للنشر
رقم الإصدار
١٤٢٦ هـ
مكان النشر
الرياض
تصانيف
وقدرة، والإرادة هي النية.
إذن: فالجملة الأولي معناها أنه ما من عامل إلا وله نية، ولكن النيات تختلف اختلافًا عظيمًا، وتتباين تبتينًا بعيدًا كما بين السماء والأرض.
من الناس من نيته في القمة في أعلي شيء، ومن الناس من نيته في القمامة في أخس شيء وأدني شيء؛ حتى إنك لتري الرجلين يعملان عملًا واحدًا يتفقان في ابتدائه وانتهائه وفي أثنائه، وفي الحركات والسكنات، والأقوال والأفعال، وبينهما كما بين السماء والأرض، وكل ذلك باختلاف النية.
إذن: الأساس أه ما من عمل إلا بنية، ولكن النيات تختلف وتتابين.
نتيجة ذلك قال: «وإنما لكل أمري ما نوي»؛ فكل امريء له ما نوي: إن نوي الله والدار الآخر في أعماله الشرعية، حصل له ذلك، وإن نوي الدنيا، قد تحصل وقد لا تحصل.
قال الله تعالي:) مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ) (الاسراء: الآية١٨) ما قال: عجلنا له ما يريد؛ بل قال: (عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ)، لا ما يشاء هو؛ (لِمَنْ نُرِيدُ) لا لكل إنسان، فقيد المعجل والمعجل له؛ فمن الناس: من يعطي ما يريد من الدنيان ومنهم: من يعطي شيئًا منه، ومنهم: من لا يعطي شيئًا أبدا.
أما: (وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا) (الاسراء: ١٩) لابد أن يجني ثمرات هذا العمل الذي أراد به وجه الله والدار الآخرة.
1 / 18