شرح رياض الصالحين لابن عثيمين
الناشر
دار الوطن للنشر
رقم الإصدار
١٤٢٦ هـ
مكان النشر
الرياض
تصانيف
[الشَّرْحُ]
لما كان هذا الباب في الإخلاص، إخلاص النية لله ﷿، وأنه ينبغي أن تكون النية مخلصة لله في كل قول، وفي كل فعل، وعلى كل حال، ذكر المؤلف من الآيات ما يتعلق بهذا المعني، وذكر ﵀ من الأحاديث ما يتعلق به أيضًا، وصدر هذا بحديث عمر بن الخطاب الذي قال فيه: سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوي»:
هاتان الجملتان اختلف العلماء ﵏ فيهما:
فقال بعض العلماء: إنهما جملتان بمعني واحد، وإن الجملة الثانية تأكيد للجملة الأولي.
ولكن هذا ليس بصحيح، وذلك لأن الأصل في الكلام أن يكون تأسيسا لا توكيدًا، ثم إنهما عند التأمل يتبين أن بينهما فرقًا عظيمًا؛ فالأولي سبب، والثانية نتيجة:
الأولي: سبب يبين فيها النبي صلي الله عليه وسلم أن كل عمل لابد فيه من نية، فكل عمل يعمله الإنسان وهو عاقل مختار، فلابد فيه من نية، ولا يمكن لأي عاقل مختار أن يعمل عملًا إلا بنية؛ حتى قال بعض العلماء: «لو كلفنا الله عملًا بلا نية، لكان من تكليف ما لا يطاق!» .
وهذا صحيح؛ كيف تعمل وأنت في عقلك، وأنت مختار غير مكره، كيف تعمل عملًا بلا نية؟ ! هذا مستحيل؛ لأن العمل ناتج عن إرادة
1 / 17