شرح قطر الندى وبل الصدى

ابن هشام الأنصاري ت. 761 هجري
65

شرح قطر الندى وبل الصدى

محقق

محمد محيى الدين عبد الحميد

الناشر

القاهرة

رقم الإصدار

الحادية عشرة

سنة النشر

١٣٨٣

أَمْوَالهم صَدَقَة تطهرهُمْ فتطهرهم بِاتِّفَاق الْقُرَّاء وَإِن كَانَ مَسْبُوقا بِالطَّلَبِ وَهُوَ خُذ لكَونه لَيْسَ مَقْصُودا بِهِ معنى إِن تَأْخُذ مِنْهُم صَدَقَة تطهرهُمْ وَإِنَّمَا أُرِيد خُذ من أَمْوَالهم صَدَقَة مطهرة فتطهرهم صفة لصدقة وَلَو قرئَ بِالْجَزْمِ على معنى الْجَزَاء لم يمْتَنع فِي الْقيَاس كَمَا قرئَ قَوْله تَعَالَى فَهَب لي من لَدُنْك وليا يَرِثنِي بِالرَّفْع على جعل يَرِثنِي صفة لوليا وبالجزم على جعله جَزَاء لِلْأَمْرِ وَهَذَا بِخِلَاف قَوْلك إئتني بِرَجُل يحب الله وَرَسُوله فَإِنَّهُ لَا يجوزفيه الْجَزْم لِأَنَّك لَا تُرِيدُ أَن محبَّة الرجل لله وَرَسُوله مسببة عَن الْإِتْيَان بِهِ كَمَا تُرِيدُ فِي قَوْلك إئتني أكرمك بِالْجَزْمِ لِأَن الْإِكْرَام مسبب عَن الْإِتْيَان وَإِنَّمَا أردْت ائْتِنِي بِرَجُل مَوْصُوف بِهَذِهِ الصّفة وَاعْلَم أَنه لَا يجوز الْجَزْم فِي جَوَاب النَّهْي إِلَّا بِشَرْط أَن يَصح تَقْدِير شَرط فِي مَوْضِعه مقرون بِلَا النافية مَعَ صِحَة الْمَعْنى وَذَلِكَ نَحْو قَوْلك لَا تكفر تدخل الْجنَّة وَلَا تدن من الْأسد تسلم فَإِنَّهُ لَو قيل فِي موضعهما إِن لَا تكفر تدخل الْجنَّة وَإِن لَا تدن من الْأسد تسلم صَحَّ بِخِلَاف لَا تكفر تدخل النَّار وَلَا تدن من الْأسد يَأْكُلك فَإِنَّهُ مُمْتَنع فَإِنَّهُ لَا يَصح أَن يُقَال إِن لَا تكفر تدخل النَّار وَإِن لَا تدن من الْأسد يَأْكُلك وَلِهَذَا أَجمعت السَّبْعَة على الرّفْع فِي قَوْله تَعَالَى وَلَا تمنن تستكثر لِأَنَّهُ لَا يَصح أَن يُقَال إِن لَا تمنن تستكثر وَلَيْسَ هَذَا بِجَوَاب وَإِنَّمَا هُوَ فِي مَوضِع نصب على الْحَال من الضَّمِير فِي تمنن فَكَأَنَّهُ قيل وَلَا تمنن مستكثرا وَمعنى الْآيَة أَن الله تَعَالَى نهى نبيه ﷺ عَن أَن يهب شَيْئا وَهُوَ يطْمع أَن يتعوض من الْمَوْهُوب لَهُ أَكثر من الْمَوْهُوب فَإِن قلت فَمَا تصنع بِقِرَاءَة الْحسن الْبَصْرِيّ تستكثر بِالْجَزْمِ

1 / 82