شرح نهج البلاغة
محقق
محمد عبد الكريم النمري
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٨ هجري
مكان النشر
بيروت
ورضي بعض الرؤساء عن رجل من موجدة ، ثم أقبل يوبخه عليها ، فقال : إن رأيت ألا تخدش وجه رضاك بالتوبيخ فافعل .
وقال بعض الأعراب : خرجنا في ليلة حندس ، قد ألقت على الأرض أكارعها ، فمحت صورة الأبدان ، فما كنا نتعارف إلا بالآذان .
وغزت حنيفة نميرا ، فأتبعتهم نمير فأتوا عليهم ، فقيل لرجل منهم : كيف صنع قومك ؟ قال : اتبعوهم والله . وقد أحقبوا كل جمالية خيفانة ، فما زالوا يخصفون آثار المطي بحوافر الخيل حتى لحقوهم ، فجعلوا المران أرشية الموت ، فاستقوا بها أرواحهم .
ومن كلام لعبد الله بن المعتز ، يصف القلم : يخدم الإرادة ، ولا يمل الاستزادة ، ويسكت واقفا ، وينطق سائرا ، على أرض بياضها مظلم ، وسوادها مضيء .
قأما القطب الراوندي فقال : قوله عليه السلام : شقوا أمواج الفتن بسفن النجاة معناه : كونوا مع أهل البيت لأنهم سفن النجاة ، لقوله عليه السلام : ' مثل أهل بيتي كسفينة نوح : من ركبها نجا ، ومن تخلف عنها غرق ' .
ولقائل أن يقول : لا شبهة أن أهل البيت سفن النجاة ، ولكنهم لم يرادوا ههنا بهذه اللفظة ، لأنه لو كان ذلك هو المراد ، لكان قد أمر أبا سفيان والعباس بالكون مع أهل البيت ، ومراده الآن ينقض ذلك ، لأنه أمر بالتقية وإظهار اتباع الذين عقد لهم الأمر ، ويرى أن الاستسلام هو المتعين ، فالذي ظنه الراوندي لا يحتمله الكلام ولا يناسبه .
وقال أيضا : التعريج على الشيء : الإقامة عليه ، يقال : عرج فلان على المنزل ، إذا حبس نفسه عليه ، فالتقدير : عرجوا على الاستقامة منصرفين عن المنافرة .
ولقائل أن يقول : التعريج يعدى تارة بعن ، وتارة بعلى ، فإذا عديته بعن أردت التجنب والرفض ، وإذا عديته بعلى أردت المقام والوقوف ، وكلامه عليه السلام معدى بعن . قال : وعرجوا عن طريق المنافرة .
وقال أيضا : آنس بالموت ، أي سر به ، وليس بتفسير صحيح ، بل هو من الأنس ضد الوحشة .
صفحة ١٣٦