3-ابن أبي الحديد
ومؤلف هذا الشرح هو عز الدين أبو حامد بن هبة الله بن محمد بن محمد بن الحسين ابن أبي الحديد المدائنى؛ أحد جهابذة العلماء، وأثبات المؤرخين؛ ممن نجم في العصر العباسي الثاني؛ أزهى العصور الإسلامية إنتاجا وتأليفا؛ وأحفلها بالشعراء والكتاب والأدباء والمؤرخين واللغويين وأصحاب المعاجم والموسوعات.
كان فقيها أصوليا؛ وله في ذلك مصنفات معروفة مشهورة؛ وكان متكلما جدليا نظارا؛ اصطنع مذهب الاعتزال؛ وعلى أساسه جادل وناظر، وحاج وناقش؛ وفي شرح النهج وكثير من كتبه آراء منثورة مما ذهب إليه، وله مع الأشعري والغزالى والرازي كتب ومواقف.
وكان أديبا ناقدا، ثاقب النظر، خبيرا بمحاسن الكلام ومساوئه، وكتابه «الفلك الدائر على المثل السائر» ؛ دليل على بعد غوره، ورسوخ قدمه في نقد الشعر وفنون البيان.
ثم كان أديبا متضلعا في فنون الأدب، متقنا لعلوم اللسان، عارفا بأخبار العرب، مطلعا على لغاتها، جامعا لخطبها ومنافراتها، راويا لأشعارها وأمثالها، حافظا لملحها وطرفها، قارئا مستوعبا لكل ما حوته الكتب والأسفار في زمانه.
وكان وراء هذا شاعرا عذب المورد، مشرق المعنى، متصرفا مجيدا؛ كما كان كاتبا بديع الإنشاء، حسن الترسل، ناصع البيان.
*** ولد بالمدائن في غرة ذى الحجة سنة ست وثمانين وخمسمائة؛ ونشأ بها، وتلقى عن
صفحة ١٣