البحث الثالث في الكمالات العقلية الانسانية لما كان للنفس الانسانية قوتان، قوة نظرية وقوة عملية كذلك وجب أن يكون لكل واحدة من هاتين القوتين كمال يخصها، واستكمال النفس بتلك الكمالات في القوتين يسمى حكمة، فرسم الحكمة إذا استكمال النفس الانسانية بتصور الأمور والتصديق بالحقائق النظرية والعملية على قدر الطاقة الانسانية، وهي تنقسم إلى نظرية وعملية، فالنظرية هي استكمال القوة النظرية في الادراكات التصورية والتصديقية حتى تصير عقلا مستفادا، والعملية هي استكمال القوة العملية بتصور انه كيف يمكن وينبغي أن يكون اكتساب الكمال بالملكة التامة على الافعال الفاضلة حتى يكون الانسان قويما على الصراط المستقيم وكل واحدة منهما تنقسم إلى اقسام (1) ثلاثة:
اما اقسام الحكمة النظرية فهي هذه حكمة تتعلق بما في الحركة والتغير من حيث هي في الحركة والتغير وهي الحكمة الطبيعية إذ كان البحث الطبيعي لاعن ذات الجسم بل عن كونه متحركا وساكنا، وحكمة تتعلق بأمور من شأنها ان يجردها الذهن عن التغير وإن كان وجودها مخالطا للتغير وتسمى حكمة رياضية، وحكمة تتعلق بما وجوده مستغن عن مخالطة التغير فلا يخالطها أصلا وان خالطها فبالعرض لا ان ذاتها مفتقرة في تحقق الوجود إليه وتسمى الفلسفة الأولى والفلسفة الإلهية وهي معرفة الاله من هذه وقد يزاد ههنا قسم رابع وهو الحكمة الباحثة عن لواحق الوجود من حيث هو وجود مثل الوحدة والكثرة والكلية والجزئية والعلية والمعلولية والكمال والنقصان وغيرها وقد أدرجناها في الفلسفة الأولى وان أردنا افراز قلنا في القسم الثالث: وحكمة تتعلق بما وجوده مستغن عن مخالطة التغير أصلا وهي الفلسفة الإلهية، وحكمة تتعلق بما وجوده مستغن عن
صفحة ١٧