نضج غاية النضج وصفا فتولد منه الروح النفساني ولذلك أعدت هذه الشبكة لانضاج هذا الروح وتصييره روحا نفسانيا حتى استعدت به القوى المذكورة للادراك والتحرك فسبحان ناظم الوجود أحكم الحاكمين.
الفصل الثاني في النفس الانسانية والفلكية، وفيه أبحاث:
البحث الأول في ماهيتهما (1) وبراهين وجودهما (2) اما الماهية على ما يعم النفسين فقيل: انها جوهر غير المادة وغير موجود فيها من شأنه ان يحرك الأجسام ويدرك الأشياء، فإذا أردنا تخصيصها بالفلك قلنا: بالفعل، وإذا أردنا تخصيصه بالانسان قلنا: ويتهيأ لادراك الأشياء، فاحترزنا بالجوهر عن واجب الوجود والاعراض التسعة وبقولنا، غير المادة وغير موجود فيها، عنها وعن سائر الأمور المادية، وبقولنا: يتهيأ لادراك الأشياء، في الانسانية، عن الفلكية والعقول المجردة، لان كمالاتها حاصلة لها بالفعل من حيث هي: وبقولنا: في الفلكية، عن الانسانية، إذ كمالاتها في الأصل قوية وإنما يحصل لها بالفعل بعد تمام استعداداتها لها.
واما برهان وجود النفس الانسانية فمن وجهين:
الأول - لو كانت القوة العاقلة جسما أو جسمانيا لضعفت بضعف البدن لان القوى الجسمانية في ذاتها وجميع كمالاتها إلى اعتدال مزاج الجسم فوجب ان يضعف بضعفه لكن التالي باطل لان الفكر الكثير سبب لضعف الدماغ ولكمال النفس ولان القوة العاقلة تقوى بعد الأربعين مع اخذ البدن في النقصان فوجب أن يكون المقدم باطلا.
الثاني - من طريق السمع قوله تعالى: ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا
صفحة ١٢