دون الماهية والماهية دون الوجود لا عينا أي بحسب الذات والهوية بأن يكون لكل منهما هوية متميزة يقوم أحدهما بالأخرى كبياض الجسم فعند تحرير المبحث وبيان أن المراد الزيادة في التصور أو في الهوية يرتفع النزاع بين الفريقين ويظهر أن القول يكون اشتراك الوجود لفظيا بمعنى أن المفهوم من الوجود المضاف إلى الإنسان غير المفهوم من المضاف إلى الفرس ولا اشتراك بينهما في مفهوم الكون مكابرة ومخالفة لبديهة العقل وذهب صاحب المواقف إلى أن النزاع راجع إلى النزاع في الوجود الذهني فمن أثبته قال بالزيادة عقلا بمعنى أن في العقل أمرا هو الوجود وآخر هو الماهية ومن نفاه أطلق القول بأنه نفس الماهية لأنه لا تغاير ولا تمايز في الخارج وليس وراء الخارج أمر يتحقق فيه أحدهما بدون الآخر فيتحقق التمايز وفيه نظر لأنه لا نزاع للقائلين بنفي الوجود الذهني في تعقل الكليات والاعتباريات والمعدومات والممتنعات ومغايرة بعضها للبعض بحسب المفهوم وإنما نزاعهم في كون التعقل بحصول شيء في العقل وفي اقتضائه الثبوت في الجملة فلا يتجه لهم بمجرد نفي الوجود الذهني نفي التغاير بين الوجود والماهية في التصور بأن يكون المفهوم من أحدهما غير المفهوم من الآخر ونفي الاشتراك المعنوي بأن يعقل من الوجود معنى كلي مشترك بين الوجودات كما لا ينفي تغاير مفهوم الإنسان لمفهوم الفرس ومفهوم الإمكان لمفهوم الامتناع ولا اشتراك كل من ذلك بين الإفراد بل غاية الأمر أن لا يقولوا الوجود أمر زايد في العقل والمعنى الكلي المشترك ثابت فيه بل يقولوا زائد ومشترك عقلا وفي التعقل بمعنى أن العقل يفهم من أحدهما غير ما يفهم من الآخر ويدرك منه معنى كليا يصدق على الكل ولهذا اتفق الجمهور من القائلين بنفي الوجود الذهني على أن الوجود مشترك معنى وزائد على الماهية ذهنا بالمعنى الذي ذكرنا قال هذا في الممكن يعني أن ما ذكر من عدم تحقق الخلاف في زيادة الوجود على الماهية ذهنا بمعنى كون المفهوم من أحدهما غير المفهوم من الآخر وفي كونه نفسها عينا بمعنى عدم تمايزها بالهوية إنما هو في الممكن وأما في الواجب فعند المتكلمين له حقيقة غير مدركة للعقول مقتضية بذاتها لوجودها الخاص المغاير لها بحسب المفهوم دون الهوية كما في الممكنات وعند الفلاسفة حقيقته وجود خاص قائم بذاته ذهنا وعينا من غير افتقار إلى فاعل يوجده أو محل يقوم به في العقل وهو مخالف لوجودات الممكنات بالحقيقة وإن كان مشاركا لها في كونه معروضا للوجود المطلق ويعبرون عنه بالوجود البحت وبالوجود بشرط لا بمعنى أنه لا يقوم بماهية ولو في العقل كما في وجود الممكنات وإنما ذهبوا إلى ذلك لاعتقادهم أنه لو كان له ماهية ووجود فإن كان الواجب هو المجموع لزم تركبه ولو بحسب العقل وإن كان أحدهما لزم احتياجه ضرورة احتياج الماهية في تحققها إلى الوجود واحتياج الوجود لعروضه إلى الماهية ولو في العقل وحين اعترض عليهم بأن الوجود الخاص أيضا محتاج إلى الوجود المطلق ضرورة
صفحة ٧١