شرح المقاصد في علم الكلام
الناشر
دار المعارف النعمانية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
1401هـ - 1981م
مكان النشر
باكستان
تصانيف
أحدهما نقض أصل الدليل بأنه لو صح لزم أن تكون الأعداد متناهية لأنا نفرض جملة من الواحد إلى غير النهاية وأخرى من الاثنين إلى غير النهاية ثم نطبق بينهما وتناهي الأعداد باطل بالاتفاق وأن تكون معلومات الله تعالى متناهية للتطبيق بين الكامل وبين الناقص منه بواحد وتناهيها باطل عند المتكلمين وأن تكون الحركات الفلكية متناهية للتطبيق بين سلسلة من هذه الدورة وأخرى من الدورة التي قبلها وتناهيها باطل عند الفلاسفة وثانيهما نقض المقدمة القائلة بأن إحدى الجملتين إذا كانت أنقص من الأخرى لزم انقطاعها بأن الحاصل من تضعيف الواحد مرارا غير متناهية أقل من تضعيف الاثنين مرارا غير متناهية مع لاتناهيها اتفاقا ومقدورات الله تعالى أقل من معلوماته لاختصاصها بالممكنات وشمول العلم للممتنعات أيضا مع لاتناهي المقدورات عندنا ودورات زحل أقل من دورات القمر ضوررة مع لاتناهيها عند الفلاسفة وحاصل الاعتراض أنا نختار أنه يقع بإزاء كل جزء من التامة جزء من الناقصة ولانم لزوم تساويهما فإن ذلك كما يكون للتساوي فقد يكون لعدم التناهي وإن سمي مجرد ذلك تساويا فلانم استحالة ذلك فيما بين التامة والناقصة بمعنى نقصان شيء من جانبها المتناهي وإنما يستحيل ذلك في الزائدة والناقصة بمعنى كون عدد إحداهما فوق عدد الأخرى وهو ليس بلازم فيما بين غير المتناهيين وإن نقصت من أحدهما ألوف وقد يجاب عن المنع بدعوى الضرورة في أن كل جملتين إما متساويتان أو متفاوتتان بالزيادة والنقصان وأن الناقصة يلزمها الانقطاع وعن النقض بتخصيص الحكم أما عندنا فبما دخلت تحت الوجود سواء كانت مجتمعة كما في سلسلة العلل والمعلولات أو لا كما في الحركات الفلكية فإنها من المعدات فلا يرد الأعداد لأنها من الاعتبارات العقلية ولا يدخل في الوجود من المعدودات إلا ما هي متناهية وكذا معلومات الله تعالى ومقدوراته ومعنى لاتناهيها أنه لا تنتهي إلى حد لا يكون فوقه عدد أو معلوم أو مقدور آخر وأما عند الفلاسفة فبما يكون موجودة معا بالفعل مترتبة وضعا كما في سلسلة المقادير على ما يذكر في تناهي الأبعاد أو طبعا كما في سلسلة العلل والمعلولات فلا يرد الحركات الفلكية لكونها متعاقبة غير مجتمعة ولا جزئيات نوع واحد كالنفوس الناطقة على تقدير عدم تناهيها بحسب العدد لكونها غير مترتبة فإن قيل التخصيص في الأدلة العقلية اعتراف ببطلانها حيث يتخلف المدلول عنها قلنا معناه أن الدليل لا يجري في صورة النص بل يختص بما عداها أما عندنا فنظرا إلى أن مالا تحقق له في نفس الأمر لا يمكن التطبيق فيه إلا بمجرد الوهم فينقطع بانقطاعه بخلاف ما في نفس الأمر فإنه لا بد أن يقع بإزاء كل جزء جزء أو لا يقع وهو معنى الانقطاع وأما عندهم فنظرا إلى أن التطبيق بحسب نفس الأمر إنما يتصور فيما له مع الوجود ترتب ليوجد بإزاء كل جزء من هذه جزء من تلك فلا يجري في الأعداد ولا في الحركات الفلكية ولا في النفوس الناطقة والحق أن تحصيل الجملتين من سلسلة واحدة ثم مقابلة جزء من هذه بجزء من تلك إنما هو بحسب العقل دون الخارج فإن كفى في تمام الدليل حكم العقل بأنه لا بد أن يقع بإزاء كل جزء جزء أو لا يقع فالدليل جار في الأعداد وفي الموجودات المتعاقبة والمجتمعة المترتبة وغير المترتبة لأن للعقل أن يفرض ذلك في الكل وإن لم يكف ذلك بل اشتراط ملاحظة إجراء الجملتين على التفصيل لم يتم الدليل في الموجودات المترتبة فضلا عما عداها لأنه لا سبيل للعقل إلى ذلك إلا فيما لا يتناهى من الزمان قال الثالث لما اشتملت
الوجه الثالث أنه لو تنته سلسلة العلل والمعلولات إلى علة لا يكون معلولا لشيء لزم عدم تكافؤ المتضايفين واللازم بط لما سيجيء أو نقول لو كان المتضايفان متكافئين لزم انتهاء السلسلة إلى علة محضة والمقدم حق لأن معناه أنهما بحيث إذا وجد أحدهما في العقل أو في الخارج وجد الآخر وإذا انتفى انتفى وجه اللزوم أن المعلول الأخير يشتمل على معلولية محضة وكل مما فوقه على علية ومعلولية فلو لم ينته إلى ما يشتمل على علية محضة لزم معلولية بلا علية فإن قيل المكافي لمعلولية المعلول المحض علية المعلول الذي فوقه بلا وسط لا علية العلة المحضة قلنا نعم إلا أن المراد أنه لا بد أن يكون بإزاء كل معلولية علية وهذا يقتضي ثبوت العلة المحضة وللقوم في التعبير عن هذا الاستدلال عبارتان
أحدهما لو تسلسلت العلل والمعلولات إلى غير النهاية لزم زيادة عدد المعلول على عدد العلة وهو باطل ضرورة تكافؤ العلية والمعلولية وبيان اللزوم أن كل علة في السلسلة فهو معلول على ما هو المفروض وليس كل ما هو معلول فيها علة كالمعلول الأخير
وثانيهما نأخذ جملة من العليات التي في هذه السلسلة وأخرى من المعلوليات ثم نطبق بينهما فإن زادت آحاد إحداهما على الأخرى بطل تكافؤ العلية والمعلولية لأن معنى التكافؤ أن يكون بإزاء كل معلولية علية وبالعكس وإن لم تزد لزم علية بلا معلولية ضرورة أن في الجانب المتناهي معلولية بلا علية كما في المعلول الأخير فلزم الخلف لأن التقدير عدم انتهاء السلسلة إلى علة محضة ( قال الرابع نعزل )
صفحة ١٦٩