تقديم الجنس حتى لو أخر كان الحد ناقصا ومبنى هذا الكلام على أنه لا اعتبار بالعرض العام لأنه لا يفيد الامتياز ولا الاطلاع على أجزاء الماهية ولا بالخاصة مع الفصل القريب وإلا يلزم أن يكون المركب من الفصل القريب مع العرض العام أو مع الخاصة حدا ناقصا وليس كذلك في اصطلاح الجمهور حيث خصوا اسم الحد بما يكون من محض الذاتيات وقد يصطلح على تسمية كل معرف حدا حتى اللفظي منه أعني بيان مدلول اللفظ بلفظ آخر أوضح دلالة وكثير من المتقدمين على أن الرسم التام ما يفيد امتياز الماهية عن جميع ما عداها والناقص ما يفيد الامتياز عن البعض فقط إلا أنه استقر رأي المتأخرين على اشتراط كون المعرف مساويا أي مطردا ومنعكسا حتى لا يجوز التعريف بالأعم محافظة على الضبط والموصل إلى التصديق ويسمى الدليل لما فيه من الإرشاد إلى المطلوب والحجة لما في التمسك به من الغلبة على الخصم إما قياس وإما استقراء وإما تمثيل إذ لا بد من مناسبة بين الحجة والمط ليمكن استفادته منها وتلك المناسبة إما أن تكون باشتمال أحدهما على الآخر أو لا وعلى الأول فإن اشتمل الحجة على المط فهي القياس إذ النتيجة مندرجة في مقدمتيه وإن اشتمل المط على الحجة فهي الاستقراء إذ المط حكم كلي يثبت بتحقق الحكم على الجزئيات المندرجة تحته وعلى الثاني لا بد أن يكون هناك أمر ثالث يشتمل عليهما أو يندرجان فيه ليستفاد العلم بأحدهما من الآخر وهو التمثيل فإن حكم الفرع وهو المط يستفاد من حكم الأصل وهو الحجة لاندراجهما تحت الجامع الذي هو العلة وهذا ما قال الإمام أنا إذا استدللنا بشيء على شيء فإن لم يدخل أحدهما تحت الآخر فهو التمثيل وإن دخل فإما أن يستدل بالكلي على الجزئي وهو القياس أو بالعكس وهو الاستقراء وذكر في بعض كتبه بدل الكلي والجزئي الأعم والأخص تصريحا بأن المراد الجزئي الإضافي لا الحقيقي وتنبيها على أن تفسير الجزئي الإضافي بالمندرج تحت الغير مساو لتفسيره بالأخص تحت الأعم لا أعم منه على ما سبق إلى بعض الأوهام من أن معنى اندراجه تحت الغير مجرد صدق الغير عليه كليا وذلك لأن لفظ الاندراج منبئ عن كون الغير شاملا له ولغيره ولم يعرف من اصطلاح القوم أن كلا من المتساويين جزئي إضافي للآخر فلهذا قال صاحب الطوالع إن استدل بالكلي على الجزئي أو بأحد المتساويين على الآخر فهو القياس ليتناول ما إذا كان الأوسط مساويا للأصغر كقولنا كل إنسان ناطق وكل ناطق حيوان والجواب بأن الناطق معناه شيء ماله النطق وهو بحسب هذا المفهوم أعم من الإنسان لا يجدي نفعا إذ لا يتأتى في مثل قولنا كل ناطق إنسان وكل إنسان حيوان والأحسن أن يقال مرجع القياس إلى استفادة الحكم على ذات الأصغر من ملاحظة مفهوم الأوسط وهو أعم قطعا وإن كان مفهوم الأصغر مساويا له كما في المثالين المذكورين بل وإن كان أعم منه كما في قولنا بعض الحيوان إنسان وكل إنسان
صفحة ٥٠