أصوله من الكتاب والسنة والإجماع والمعقول الذي لا يخالفها وبالجملة فحاصله أن يحافظ في جميع المباحث على القواعد الشرعية ولا يخالف القطعيات منها جريا على مقتضى نظر العقول القاصرة على ما هو قانون الفلسفة لا أن يكون جميع المباحث حقة في نفس الأمر منتسبة إلى الإسلام بالتحقيق وإلا لما صدق التعريف على كلام المجسمة والمعتزلة والخوارج ومن يجري مجراهم وعلى هذا لا يرد الاعتراض بأن قانون الإسلام ما هو الحق من مسائل الكلام فإن أريد الحقية والانتساب إلى الإسلام بحسب الواقع لم يصلح هذا القيد لتميز الكلام عن غيره لأنه ليس لازما بينا إذ كل من المتكلم وغيره يدعي حقية مقاله ولم يصدق التعريف على كلام المخالف لبطلان كثير من قواعده مع أنه كلام وفاقا وإن أريد بحسب اعتقاد الباحث حقا كان أو باطلا لم يتميز الكلام بهذا القيد عن الإلهى لاشتراكهما في ذلك قال فإن قيل أقول أعترض في المواقف على كون موضوع الكلام هو الموجود من حيث هو بأنه قد يبحث عن أحوال مالا يعتبر وجوده وإن كان موجودا كالنظر والدليل وعن أحوال مالا وجود له أصلا كالمعدوم والحال ولا يجوز أن يؤخذ الموجود أعم من الذهني والخارجي ليعم الكل لأن المتكلمين لا يقولون بالوجود الذهني والجواب أنا لا نسلم كون هذه المباحث من مسائل الكلام بل مباحث النظر والدليل من مباديه على ما قررنا وبحث المعدوم والحال من لواحق مسئلة الوجود توضيحا للمقصود وتتميما له بالتعرض لما يقابله لا يقال بحث إعادة المعدوم واستحالة التسلسل ونفي الهيولي وأمثال ذلك من المسائل قطعا لأنا نقول هي راجعة إلى أحوال الموجود بأنه هل يعاد بعد العدم وهل يتسلسل إلى غير النهاية وهل يتركب الجسم من الهيولي والصورة ولو سلم أنها من المسائل فإنما يريد ما ذكرتم لو أريد بالموجود من حيث هو الموجود في الخارج بشرط اعتبار وجوده وليس كذلك بل الموجود على الإطلاق ذهنيا كان أو خارجيا واجبا أو ممكنا جوهرا أو عرضا إلى غير ذلك فباحث النظر والدليل من أحوال الوجود العيني وإن لم يعتبر والبواقي من أحوال الوجود الذهني وكثير من المتكلمين يقولون به على ما يصرح بذلك كلامهم ومن لم يقل فعليه العدول إلى المعلوم (قال وقيل) أقول ذهب القاضي الأرموي من المتأخرين إلى أن موضوع الكلام ذات الله تعالى لأنه يبحث عن صفاته الثبوتية والسلبية وأفعاله المتعلقة بأمر الدنيا ككيفة صدور العالم عنه بالاختبار وحدوث العالم وخلق الأعمال وكيفية نظام العالم كالبحث عن النبوات وما يتبعها أو بأمر الآخرة كبحث المعاد وسائر السمعيات فيكون الكلام هو العلم الباحث عن أحوال الصانع من صفاته الثبوتية والسلبية وأفعاله المتعلقة بأمر الدنيا والآخرة
صفحة ١٢