شرح المقاصد في علم الكلام
الناشر
دار المعارف النعمانية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
1401هـ - 1981م
مكان النشر
باكستان
تصانيف
الأول أن كون الاتصال جوهرا أو جزأ من الجسم ظاهر البطلان إذ لا يعقل منه إلا ما يقابل الانفصال وهما عرضان يتعاقبان على الجسم إذا تحققتهما كانا عائدين إلى وحدته وكثرته وجوابه أنا لا نعني بالاتصال هذا المعنى بل الجوهر الذي شأنه الاتصال وامتداد العرضي وكونه ظاهر الآنية للجسم موقوفا تعقل حقيقة الجسم على تعقله مما لم يشك فيه عاقل ولم ينكره أحد إلا ما نسب إلى البعض من كون الجسم محض الأعراض على أنه أيضا قابل بأنها عند الاجتماع تصير جوهرا قائما بنفسه وإنما النزاع في كونه واحدا في نفس الأمر لا متحصلا من اجتماع الأجزاء وفي كونه جزأ من الجسم لا تمام حقيقته فهذا هو الذي يثبت بالبرهان لا يقال فما ذكر لا يفيد كونه جزأ لجواز أن تكون تلك الهوية الاتصالية الجوهرية التي يجعلونها صورة حالة في مادة نفس الجسم من غير حلول في جزء آخر ويكون قبول الانفصال بأن ينعدم ويحدث هويتان اتصاليتان أخريان كيف وقد جعلتموها جوهرا قابلا للأبعاد ومتحيزة بالذات فيكون قيامها بنفسها لا بغيرها لأنا نقول ضرورة التفرقة بين انعدام جسم بالكلية وحدوث جسمين وبين زوال الهوية الاتصالية إلى هويتين هي التي شهدت بوجود جزء آخر باق في الحالين ثم أنهم لم يجعلوا الصورة قائمة به لتنافي جوهريتها بل حالة فيه وقد سبق أن الحال في الشيء أعم من القائم به لكن الشأن في لزوم كون ذلك الأمر الباقي محلا للجوهر الذي سموه الصورة الجسمية وعبروا عنها بالهوية الاتصالية وفي تصور حلول الجوهر في الشيء مع امتناع قيامه به فإن قيل نسبة المقبول إلى القابل اختصاص الناعت وهو معنى الحلول قلنا الكلام في كون الهوية الاتصالية بمعنى الجوهر الذي شأنه الاتصال مقبولا وإنما يظهر ذلك في الاتصال العرضي المقابل للانفصال
الثاني أن الانفصال إنما يفتقر إلى محل باق لو كان وجوديا وهو ممنوع بل هو عبارة عن انعدام الاتصال وزواله والجواب أنه ليس عدم الاتصال مطلقا بل عما من شأنه الاتصال وهو المعنى بالقابل الباقي بل هو عدم اتصال الاتصالين أي زوال هوية اتصالية وحدوث هويتين اتصاليتين فلا بد من أمر قابل للاتصال تارة وللاتصالين أخرى
الثالث لو كان قبول الانفصال محوجا إلى المادة لاحتاجت المادة إلى مادة أخرى لا إلى نهاية ضرورة قبولها الانفصال وجوابه أن المحوج هو قبول الانفصال فيما يكون متصلا بذاته كالصورة والجسم وليست الهيولي كذلك وتحقيقه أن ما يكون متصلا في ذاته ينعدم عند ورود الانفصال فيفتقر إلى أمر لا يكون متصلا في ذاته ولا منفصلا بل يتوارد عليه الاتصال والانفصال وهو هو بعينه في الحالين يصير واحدا متصلا بعروض الوحدة والاتصال ومتعددا منفصلا بعروض الكثرة والانفصال من غير افتقار إلى أمر آخر
صفحة ٣٠٧