شرح المقاصد في علم الكلام
الناشر
دار المعارف النعمانية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
1401هـ - 1981م
مكان النشر
باكستان
تصانيف
( 4 ) أن نفرض خطا من خمسة أجزاء فوق الأول جزء وفوق الخامس جزء ثم أخذا معا في حركة على السواء إلى حد الالتقاء فبالضرورة يكون ذلك في وسط الخط أعني الجزء الثالث فيكون هو ملتقاهما من تحت ولا يخفى أن هذه البيانات إنما تتم على من يجوز وجود الجوهر الفرد على الانفراد ثم حركته على الإطلاق ثم حركته على الانحناء المخصوصة المؤدية إلى المحال وأما ما ذكر في بعض كتب المعتزلة من أن الوجوه المذكورة إنما تدل على الانقسام بالوهم ونحن نعني بالجزء مالا ينقسم بالفعل فرجوع إلى مذهب ذيمقراطيس ( قوله ومنها ) اي ومن طرق الاحتجاج على نفي الجزء الذي لا يتجزأ ما يبتنى على أن تفاوت الحركتين بالسرعة والبطء ليس لتحلل سكنات بين أجزاء الحركة البطيئة إما لكونه مستحيلا في نفسه بما ذكر عليه من الدليل وإما لاستلزامه أمرا معلوم الانتفاء قطعا كتفكك أجزاء الجسم الذي في غاية الاستحكام لحظة فلحظة ثم التئامها وكتخلف المعلول عن العلة أو تحققه بدونها حينا فحينا بيان ذلك أنا نجد المتوافقين في الأخذ والترك قد يتفاوتان في المسافة فيحكم بأن الذي قطع مسافة أطول أسرع حركة والآخر أبطأ فلو كانت المسافة من أجزاء لا تتجزأ فعند قطع السريع جزأ إما أن يقطع البطيء جزأ فيتساويان أو أكثر فأبعد أو أقل فينقسم الجزء فلم يبق إلا أن يكون له في خلال حركاته سكنات ولما كان هذا غير ممتنع عند المتكلمين بل مقررا أعرضنا عنه إلى ما يكون تحلل السكنات فيه مستلزما لما هو معلوم الانتفاء كتفكك أجزاء الجسم الذي هو مثل في الشدة والاستحكام كالحجر أو الذي لو تفككت أجزاؤه لتناثرت كالفرجار أو كان له شعور بذلك بل تبطل حياته وحركته عند الأكثرين كالإنسان أو الذي ذهب جمع من العقلاء إلى امتناع تفككه كالفلك وكوجود العلة بدون المعلول في حركة الشمس مع سكون الظل ووجود المعلول بدون علته في حركة الدلو إلى العلو مع سكون حبل الكلاب فيما إذا فرضنا بئرا عمقها مائة ذراع مثلا وفي منتصفها خشبة شد عليها طرف حبل طوله خمسون ذراعا وعلى طرفه الآخر دلو ثم شددنا كلابا على طرف حبل آخر طوله خمسون ذراعا وأرسلناه في البئر بحيث وقع الكلاب في الحبل الأول على طرفه المشدود في الخشبة ثم جررناه إلى رأس البئر فيكون ابتداء حركة الكلاب من الوسط والدلو من الأسفل معا وكذا انتهاؤهما إلى رأس البئر وقد قطع الدلو مائة ذراع والكلاب خمسين مع أن حركة الكلاب من تمام علة حركة الدلو فلو كان له سكنات في خلال حركته لزم وجود المعلول بدون علته التامة ( قال ومنها ) أي ومن تلك الطرق ما يبتنى على اصول هندسية لا سبيل إلى إثباتها إلا على تقدير انتفاء الجزء كما يظهر للناظر في البراهين المذكورة في كتاب إقليدس ولهذا كانت وجوه هذا الطريق كثيرة جدا ولنذكر عدة منها
الأول أنه يمكن لنا أن نعمل على كل خط شيئا مثلثا متساوي الأضلاع ولا يتصور ذلك في الخط المركب من جزئين إلا بأن يقع جزء على ملتقى الجزئين وقد عرفت أنه يوجب انقسام الثلاثة
الثاني أن كل زاوية فإنه يمكن تنصيفها فيلزم تجزيء الجزء الذي هو الملتقى خط الزاوية
صفحة ٣٠١