وأنشد أبو العباس لحميد بن ثور: [الطويل]
وما هاج هذا الشّوق إلا حمامة ... دعت ساق حرّ ترحة وترنّما (١)
محلّاة طوق لم يكن من تميمة ... ولا ضرب صوّاغ بكفّيه درهما
تغنّت على غصن عشاء فلم تدع ... لنائحة في نوحها متلوّما
إذا حرّكته الريح أو مال ميلة ... تغنّت عليه مائلا ومقوّما
عجبت لها أنّى يكون غناؤها ... فصيحا ولم تفغر بمنطقها فما
فلم أر مثلي شاقه صوت مثلها ... ولا عربيّا شاقه صوت أعجما
وقال حبيب: [الكامل]
لتضعضعت عبرات عينيك أن دعت ... ورقاء حين تضعضع الإظلام (٢)
لا تشجينّ لها فإن بكاءها ... ضحك وإنّ بكاءك استغرام
هنّ الحمام، فإن كسرت عيافة ... من حائهنّ فإنّهنّ حمام
وسمع حبيب بخراسان غناء بالفارسية، فلم يدر ما هو، غير أنه شوّقه فقال: [الوافر]
حمدتك ليلة شرفت وطالت ... أقام سهادها ومضى كراها (٣)
سمعت بها غناء كان أولى ... بأن يقتاد نفسي من عناها
ومسمعة يحار السمع فيها ... ولم تصممه لا يصمم صداها
ولم أفهم معانيها ولكن ... ورت كبدي فلم أجهل شجاها
وظلت كأنني أعمى معنى ... يحبّ الغانيات ولا يراها
يعني بهذا الأعمى بشارا حيث يقول: [البسيط]
يا قوم أذني لبعض الحيّ عاشقة ... والأذن تعشق قبل العين أحيانا (٤)
قالوا بمن لا ترى تهذي! فقلت لهم: ... الأذن كالعين توفي القلب ما كانا
***
_________
- ديوانه ص ١٤، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي ص ١٢٨٩، وبلا نسبة في الجنى الداني ص ٢٨٤، والحيوان ٣/ ٢٠٦.
(١) الأبيات في ديوان حميد بن ثور ص ٢٤، ٢٧ ولسان العرب (حرر)، (سوق)، (حمم)، ومقاييس اللغة ٢/ ٦، ومجمل اللغة ٢/ ٨، وتاج العروس (حرر)، (علط)، (سوق)، (وحى)، وبلا نسبة في كتاب العين.
(٢) الأبيات في ديوان أبي تمام ص ٢٧٩.
(٣) ديوان أبي تمام ص ٤٦٧.
(٤) انظر الأغاني ٣/ ٢٣٨.
1 / 31