أشار الناظم رحمه الله إلى ما فيه من الإعجاز، وأنه لا يجارى، وقد تحدى به الرب سبحانه وتعالى أرباب الفصاحة والبلاغة من العرب، الذين سبقوا كل الأمم في ميدان الإعجاز اللغوي والبلاغي، أنزله الله تعالى بلسانهم وبالأحرف التي يتكون منها كلامهم، وغاية ما قالوا فيه إنه مفترى، فقال تعالى متحديا لهم: {أم # يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين} (¬1) فالقرآن مجموع سوره (114) مائة وأربع عشرة سورة، تحداهم رب العزة والجلال، هم وكل من يقدر على معاونتهم على أن يأتوا بعشر سور يفترونها من عند أنفسهم، شريطة أن تماثل القران في إحكامه وإعجازه، وأنى لهم ذلك، فقال تعالى لهم زيادة في التحدي وقد عجزوا عن الإتيان بعشر سور مفتريات: {وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين} (¬2) فثبت عجزهم هم ومن استطاعوا الاستعانة بهم، وكذلك شهداؤهم، عجزوا جميعا عن إتيانهم بسورة واحدة يفترونها، وتماثل أقل سور القرآن، {إنا أعطيناك الكوثر} بل هم عاجزون عن # محاكاة بعض آية واحدة منه كقوله تعالى: {ولكم في القصاص حياة} (¬1) وإذا ثبت عجزهم عن أقل القليل فهم عن المثل أعجز وأقعد، ولذلك قال تعالى: {قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا} (¬2) أعيى الورى، وبهر كل الشيع، لأنه صادر عن الخالق سبحانه وتعالى ومتسحيل أن يصدر عن المخلوق ما يماثله، أو يحاكيه.
10 - منه كما جاء بدا وكن به معتضدا ... ولا تجادل أحدا في آية وارتدع
صفحة ٥٦