وهو تحذير من الناظم رحمه الله تعالى، لأن ذلك يفضي إلى الهلاك كما قال تعالى حكاية عن الذين يطلقون ألسنتهم بكل قول من غير وعي لخطورة ما يقولون: {ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب # قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون} (¬1) وقوله تعالى: {وكنا نخوض مع الخائضين} (¬2) والخطر في الحقيقة ليس محدقا بهؤلاء فحسب، بل ينال الذين يجلسون معهم، ويسمعون كلامهم، ولا ينكرون عليهم، فإنهم مثلهم في الإثم والعقوبة، كما قال الله تعالى: {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعا} (¬3) والخوض يشمل هذا وغيره من محاولة التفلسف، والتزام الجدل لرد ما هو حق بالنص من الكتاب أو السنة أو منهما معا، أو تأويل الشيء على غير وجهه مع الزعم بأن هذا مراد الله ورسوله، أو مما يقال في المجالس لإضحاك الناس، وهو من سخط الله ورسوله، ولذلك حذر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حصاد الألسنة كما ورد في حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه - # قال: (كنت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في سفر، فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني عن النار، قال: لقد سألتني عن عظيم وإنه ليسير على من يسره الله عليه: تعبد الله ولا تشرك به شيئا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت، ثم قال: ألا أدلك على أبواب الخير: الصوم جنة، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل، قال: ثم تلا {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون (16) فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون} (¬1) ثم قال: ألا أخبركم برأس الأمر كله وعموده وذروة سنامه: قلت: بلى يا رسول الله قال: رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد. ثم قال: ألا أخبرك بملاك ذلك كله، قلت بلى يا رسول الله، قال: فأخذ بلسانه، قال: كف عليك هذا. فقلت: يا نبي الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال: ثكلتك أمك يا معاذ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم، أو على # مناخرهم، إلا حصائد ألسنتهم) (¬1) فالخوض شامل لكل مفسدة، فلنطهر ألسنتنا من هذا الداء الوبيل.
المبحث الخامس
صفة الكلام
9 - فإنه كلامه أعيى الورى نظامه ... وبهرت أحكامه الغر جميع الشيع
صفحة ٥١