نبه الناظم رحمه الله إلى الوقوف عند كلام الله - عز وجل -، والذي عبر عنه بالمصحف، وهو الكلام المتلو من المصحف الذي حواه، وجمع فيه، من فعل أبي بكر، ثم # عثمان، رضي الله عنهما، واشتهرت التسمية بالمصحف من فعل عثمان - رضي الله عنه - إذ جمع ما كان من القرآن في اللخاف والعسب ، والرقاع، وصدور الرجال، وجعله في كتاب واحد سماه المصحف، بعث منه إلى كل مصر بنسخة، فحفظ الله بهذا العمل كلامه العزيز، كما قال تعالى: {إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون} (¬1) وقول الناظم هذا هو عمل بقول الله - عز وجل -: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} (¬2) وقوله تعالى: {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} (¬3) ولم يصرح الناظم بالوقوف عند القول من السنة الصحيحة لأن ذلك داخل في الوقوف عند قول المصحف، وهو قول الله تعالى: {وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن # الله شديد العقاب} (¬1) وقوله تعالى: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم} (¬2) وقوله تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا} (¬3) وقوله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم} (¬4) والوقوف عند قول المصحف، معناه التدبر والفهم لمقصود الرب سبحانه وتعالى، عملا بقوله تعالى: {أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها # } (¬1) ويجب أن يكون هذا التدبر بفهم صحيح في إطار صحيح، بعيدا عن الغلو الذي هو الإفراط، وعن التساهل الذي هو التفريط، والحرص على ما بينهما وهو التوسط، منهج الإسلام، قال الله تعالى: {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا} (¬2) شهداء على الناس، الذين أفرطوا، والذين فرطوا، ويشهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - على وسطية هذه الأمة، فلا تحريف ولا تبديل في الإسلام الدين الحق، ففيه الكمال والعدل والرأفة والرحمة، وفي هذا المعنى وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال العرباض بن سارية: وعظنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما بعد صلاة الغداة موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال رجل: إن هذه موعظة مودع، فبماذا تعهد الينا يا رسول الله؟ ، قال: (أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن عبد حبشي، فانه من يعش منكم يرى اختلافا كثيرا، وإياكم ومحدثات الأمور، فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين # المهديين، عضوا عليها بالنواجذ) (¬1) وفي رواية ابن ماجه: (وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب. فقلنا: يا رسول الله، إن هذه لموعظة مودع، فما تعهد إلينا؟ قال: قد تركتكم على البيضاء. ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هلك. من يعش منكم فيسرى اختلافا كثيرا، فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين. عضوا عليها بالنواجذ. وعليكم بالطاعة. وإن عبدا حبشيا. فإنما المؤمن كالجمل الأنف، حيثما قيد انقاد) (¬2) وهذا هو العمل بالكتاب والسنة، ومن زعم غير ذلك فقد ركب مركبا صعبا من الزلل والمهالك، وهذا ما عناه الناظم رحمه الله بقوله:
ولا تخض وقعت في أقوال أهل البدع:
صفحة ٤٨