شرح كتاب السياسة الشرعية لابن تيمية
الناشر
مدار الوطن للنشر
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٧ هجري
مكان النشر
الرياض
تصانيف
...............................................................................................
= ثم ضرب لذلك مثلاً، فقال [١]: كرجل معسر، لا يُطَالَب من الدين إلا بما يقدر عليه، لكن مع ذلك، إذا أخذنا منه ما يقدر عليه، لا نقول له: انتهى الأمر، بل نقول: اسع في قضاء دينك، اتجر، واكتسب لقضاء الدين؛ حتى يقضيه.
كذلك الجهاد، نحن مأمورون به؛ لكن هل نحن مأمورون بالجهاد حتى وإن لم يكن عندنا من الأسلحة ما عند عدونا؟ الجواب: لا؛ لأن هذا من باب الإلقاء بالنفس إلى التهلكة، لكن يجب أن نستعدّ حتى نقيم واجب الجهاد؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب [٢] مثاله. رجل فقير ليس عنده دراهم يحج بها؛ فلا يُلزم بأن يكتسب ليحج.
والفرق: أن هذه الأخيرة لا يتم الوجوب فيها إلا بالاستطاعة. وأما الجهاد فواجب، لكن يسقط عند العجز حتى تكون القدرة.
إذن نقول: القاعدة: ما لا يتم الوجوب إلا به، فليس بواجب، وما لا يتم الواجب إلاَّ به فهو واجب.
وعليه: فلا يجب على الفقير أن يكتسب؛ لتجب الزكاة عليه.
وإذا وجبت فيجب أن يوصلها إلى الفقراء.
- وقوله ((لا يتم إلا بها)) أي بالاستطاعة.
[١] ليس المراد نص قوله، وإنما حكايته على سبيل الشرح والإيضاح.
[٢] قال شيخنا في شرح قول صاحب زاد المستقنع في الجهاد ((وهو فرض كفاية)): ((لا بد فيه من شرط، وهو: أن يكون عند المسلمين قدرة وقوة يستطيعون بها القتال)) الشرح الممتع: ٧/٨ وينظر ما بعدها.
61