شرح كتاب السياسة الشرعية لابن تيمية
الناشر
مدار الوطن للنشر
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٧ هجري
مكان النشر
الرياض
تصانيف
رضي الله عنه في الإمارة: ((إنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة، إلا من أخذها بحقّها، وأدّى الذي عليه فيها)) (١)[١] .
وروى البخاري في (صحيحه) عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا ضيّعَت الأمانة، فانتظر الساعة)). قيل: يا رسول الله! وما إضاعتها؟ قال: ((إذا وُسِّد الأمر
(١) هنا أمران ((إلا من أخذها بحقها)) يعني: كان أهلاً لها في القوّة والأمانة. فلو عُرضت عليه وهو ليس بأهل؛ فإنه لا يجوز أن يأخذها، ويقول: أُجرِّب نفسي - كما يفعله بعض الناس. بل لا يجوز إلا إذا علم أنه أهل لها. فهذا أخذها بحقها فهذا هو الأول.
والثاني في قوله: ((أنه أدَّى الذي عليه فيها))، ومداره على قوله تعالى: ﴿وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ﴾ [النساء: ٥٨].
فصار لابد من أمرين: أمر سابق، وأمر مقارن.
الأمر السابق: أن يأخذها بحقها، بحيث يكون أهلاً لها.
والثاني المقارن: أن يؤدي ما أوجب الله عليه فيها. إذًا من لم يكن أهلاً؛ فإنه لا يحل له أن يتولاها حتى لو عرضت عليه. ومن كان أهلاً لكن خاف أن لا يعدل، فإنه - أيضًا - لا يجوز له أن يتولاها؛ لأن الله تعالى قال في العدل بين النساء - وهو دون ذلك ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّ تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً﴾ [النساء: ٣] يعني: إن خفتم أن لا تعدلوا فاجتنبوا التعدد، فكيف بالولاية.
[١] رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب كراهة الإمارة بغير ضرورة، رقم (١٨٢٥).
32