38

شرح كتاب السياسة الشرعية لابن تيمية

الناشر

مدار الوطن للنشر

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٧ هجري

مكان النشر

الرياض

ثم إنَّ المؤدِّيّ للأمانة مع مخالفة هواه، يُثَبِّتُه الله، فيحفظه في أهله وماله بعدَه، والمطيعُ لهواه يعاقبه الله بنقيض قصده فيذلُّ أهلَه، ويذهب مالَه.

وفي ذلك، الحكاية المشهورة، أن بعض خلفاء بني العباس، سأل بعض العلماء أن يحدثه عما أدرك، فقال: أدركت عمر بنَ عبد العزيز، فقيل له: يا أمير المؤمنين! أفغرت(١) أفواه بنيك من هذا المال، وتركتهم فقراء لا شيء لهم. وكان في مرض موته، فقال: أدخلوهم عليّ، فادخلوهم، وهم بضعة عشرَ ذكرًا، ليس فيهم بالغ، فلما رآهم ذرفَت عيناه، ثم قال: يا بنيَّ! والله ما منعتكم حقّاً هو لكم، ولم أكن بالذي آخذ أموال الناس فأدفعها إليكم، وإنما أنتم أحد رجلين: إما صالح، فالله يتولى الصالحين، وإما غيرُ صالح فلا أخلف(٢) له ما يستعين به على معصية الله، قوموا عَني. قال: فلقد رأيت بعض ولده، حَمَلَ على مائة فرس في سبيل الله، يعني: أعطاها لمن يغزو عليها(٣)[١]


(١) في خـ: أقفرت.

(٢) في خـ: فلا أخلِّفُ. والمعنى واحد، أي: فلا أترك.
(٣) هذه القصة عجيبة. عمر بن عبد العزيز رحمه الله خليفة واحد على =

[١] انظر: البداية والنهاية (٩/ ٢١٠) وفيها ((فقيل: هؤلاء بنوك - وكانوا اثنى عشر - ألا توصي لهم» .
وأوردها الذهبي مختصرة في سير أعلام النبلاء (٥/ ١٤٠ - ١٤١).

29