فإن هذه الأشياء ليس شيء منها يمكن أحدا أن يحزره حزرا أو يتكهن في معرفته فيعلم كيف هو أو كم مقداره أو في أي موضع هو موضوع دون أن يشق الجلد فيما بين الصدر وبين عظم العانة مع العضل الذي من دونه. وكما أن أبقراط إنما عرف هذه الأشياء بأن شق الجلد وتأمل ما يرى من ورائه كذلك عرفها إيروفيلس بأخرة ولم يقتصر على أن يعلم ذلك من أبقراط لكنه قصد ليعلمه من نفس طبيعة الأمور الذي منه يعلم أبقراط بأقصى ما علم فكتب في تشريح العروق كالذي كتب أبقراط. وكثير أيضا من قدماء الأطباء قد شرحوا فرأوا هذه العروق في أبدان الناس فكتبوا فيها مثل الذي كتب أبقراط وإيروفيلس.
ثم جاء من بعد أولائك مارينس وكان على عهد أجدادي وكان معه حذق بمعرفة التشريح واستقصى فيه فكتب مثل الذي كتبه من كان قبله بعد أن عاينه في القرود وفي سائر الحيوان. وذلك أن الخالق خلق جميع أبدان الحيوان بحكمة واحدة بعينها فقد نجد في أبدان جميع الحيوان الكبد موضوعة في الجانب الأيمن والطحال في الجانب الأيسر والمعدة فيما بينهما وهي تتلو المريء وتتلوها الأمعاء.
صفحة ٦٢٢