شرح الحديث المقتفى في مبعث النبي المصطفى

أبو شامة ت. 665 هجري
36

شرح الحديث المقتفى في مبعث النبي المصطفى

محقق

جمال عزون

الناشر

مكتبة العمرين العلمية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٠هـ /١٩٩٩ م

مكان النشر

الشارقة/ الإمارات

كَانَ النَّبِي ﷺ يرى عجائب قبل بعثته، فَمن ذَلِك مَا فِي " صَحِيح مُسلم " من حَدِيث جَابر بن سَمُرَة قَالَ: قَالَ النَّبِي ﷺ: " إِنِّي لأعرف حجرا كَانَ يسلم عَليّ قبل أَن أبْعث، إِنِّي لأعرفه الْآن ". وَوَقع فِي " سير ابْن إِسْحَاق " عَن عبيد بن عُمَيْر أَن النَّبِي ﷺ قَالَ: " فَجَاءَنِي جِبْرِيل وَأَنا نَائِم بنمط من ديباج فِيهِ كتاب، فَقَالَ: اقْرَأ، قلت: مَا أَقرَأ، فغتني حَتَّى ظَنَنْت أَنه الْمَوْت "، فَذكر نَحْو حَدِيث عَائِشَة. وَلَيْسَ فِي حَدِيث عَائِشَة أَن ذَلِك كَانَ فِي النّوم، وَلَيْسَ فِيهِ مَا يُنَافِيهِ، وَيجمع بَين الْحَدِيثين من وَجه حسن قَالَه السُّهيْلي وَهُوَ أَن يكون النَّبِي ﷺ رأى جِبْرِيل فِي الْمَنَام قبل أَن يَأْتِيهِ فِي الْيَقَظَة تَوْطِئَة وتيسيرا عَلَيْهِ ورفقا بِهِ، لِأَن أَمر النُّبُوَّة عَظِيم، وعبأها ثقيل والبشر ضَعِيف، وَهَذَا كَمَا ذكره فِي حَدِيث الْإِسْرَاء وَاخْتَارَهُ ثمَّ جمَاعَة من الْعلمَاء، وَفِي حَدِيث عَائِشَة مَا كَأَنَّهُ يرشد إِلَى ذَلِك إِذْ أخْبرت أَنه ﷺ كلان لَا يرى رُؤْيا إِلَّا جَاءَت مثل فلق الصُّبْح، تُرِيدُ فِي صِحَّتهَا وظهورها، فَكَانَت رُؤْيَته جِبْرِيل ﵉ فِي النّوم من ذَلِك لما رَآهُ يقظة وَالله أعلم.

1 / 78