شرح فصول أبقراط
تصانيف
البحث الثاني
، قال جالينوس: * المراد (582) بالامتلاء هو أن الغذاء الوارد على البدن يكون أكثر من احتمال القوة والأكثر إنما يقال دائما بالإضافة إلى شيء وهو في الأبدان * بالإضافة إلى شيئين (583) : الأوعية والقوة التي بها تدبير الأبدان. وذلك لأن المواد أو الوارد على البدن إما أن يكون خارجا عن الطبع في * كميته وإما أن يكون خارجا عن الطبع في (584) كيفيته * والأول (585) يسمى امتلاء بحسب الأوعية والثاني بحسب القوة. قال: وقصد أبقراط في هذا الموضع هذا المعنى لأنه صرح به. وهذا وإن كان حقا غير أن فيه نظر، فإن لفظة الغذاء إذا أطلقت في عرف الطب المراد بها ما لا دوائية فيه فإن الغذاء هو الذي في شأنه إذا ورد على البدن تغير إلى مشابهته وسد بدل ما تحلل من جوهره. والذي بهذه الصفة هو بالقوة PageVW1P034B شبيه بالبدن وهو عار من كل كيفية مغيرة للبدن. * ومثل (586) هذا يخص بالغذاء المحض ومثل PageVW5P075B هذا الغذاء لا يتولد عنه ماده تؤذي البدن بالكيفية البتة.
البحث الثالث
، قال جالينوس: ويحتمل هذا الفصل نوعا آخر من التفسير. فإن قوله خارج عن الطبيعة أي في كيفية غير أن مثل هذا الغذاء متى كان يسيرا لم يحدث مرضا كحال الأدوية المفسدة للبدن كاليبروح والأفيون والأفربيون. فإن أمثال هذه إذا أخد منها المقدار اليسير لم يضر البدن. أما إذا أخذ منها مقدارا متوفرا أضرت بالبدن * وغيرهته (587) . فلذلك قال كثيرا ولم يكتف بقوله خارج عن الطبيعة فإنه ليس كل خارج عن الطبيعة مضرا بالبدن ضررا محسوسا * متى لم يكن (588) خروجه كثيرا. أقول: وهذا التفسير يرد عليه ما ذكرنا في أمر الغذاء المحض.
البحث الرابع
، قال جالينوس: وقد فسر قوم هذا الفصل بنوع آخر من التفسير. وقالوا: ينبغي أن يفهم من قوله خارج عن الطبيعة أي خروجا مفرطا متفاقما فإن الغذاء إذا جاوز الاعتدال قليلا فليس يقوى على أن يحدث مرضا لكنه يدعه أن يبقى في حدود الصحة. وهذا حق فإن الغذاء الذي يحدث مرضا لا ينبغي أن يكون فضله على الاعتدال الصحي يسيرا. ثم قال: وهذا التفسير وإن كان حقا غير أن فيه حشوا زائدا على ما جرت به العادة. وذلك لأن عادة القدماء أن يقتصروا على ذكر الجنس الضار فقط فيقولون إن الحر والبرد والتخم والتعب وفساد الكيموسات وغير ذلك مما أشبهه يحدث مرضا على أنا نفهم عنهم أن كل واحد من هذه الأسباب له قدر محسوس. وهكذا يقولون أيضا في الغذاء الكثير يحدث مرضا ولا يحتاجون أن يزيدوا في القول فيقولون إذا كان كثيرا جدا.
البحث الخامس:
قوله يحدث مرضا، أقول: إن المرض هو * الحالة (589) في البدن * المضرة (590) بالأفعال بذاتها والامتلاء الحادث عن الغذاء إضراره بالفعل * بتوسط (591) . وإذا كان كذلك * فهو (592) لأن يعد سببا أولى من أن يعد مرضا. والذي نقوله في هذا الباب إن * الإمام (593) أبقراط كثيرا ما يستعمل هذا الاصطلاح فيطلق على السبب المرض كما قال فيما تقدم البقايا التي تبقى في الأمراض بعد البحران من عادتها أن تجلب عودة في المرض.
البحث السادس:
قوله كثيرا اعلم أن هذه للفظة تارة تقرأ بالرفع وتارة تقرأ بالنصب فإن قرئت بالرفع كانت صفة للغذاء ويكون تقدير الكلام متى ورد على البدن غداء كثير خارج عن الطبيعة فيكون قد جمع بين رداءة الكم والكيف وإن قرئت بالنصب كان مبينا للخروج فيجوز أن يكون منصوبا على الحال أي ورد على البدن في حال كونه كثيرا والعامل فيه ورد. وذلك أن الغذاء الخارج عن الطبيعة متى ورد على البدن قليلا لم يوجب إحداث للمرض ما كان وروده كثيرا ويجوز فيه النصب على أنه صفة مصدر محذوف كأنه يقول متى ورد على PageVW5P076A البدن غذاء خارج عن الطبيعة خروجا كثيرا فإن ذلك يحدث مرضا فإن الخارج خروجا قليلا لم يحدث ذلك. ويجوز أن يكون منصوبا * على (594) صفة مصدر ورد كأنه يقول متى ورد على البدن غذاء * خارج (595) عن الطبيعة ورودا * كثيرا (596) مرات كثيرة فإن الوارد مرة واحدة أو مرار * قليلة (597) لا يحدث مرضا. وكل هذه الوجوه صحيحة.
صفحة غير معروفة